رأى وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة أن «الثقافة تفعل في المجتمع ما لا يفعله سواها، فهي البصمة التي تحدد وجهة مجتمع ما ورؤيته، وهي الضامنة لصموده بما يمتلكه من خصائص ثابتة». وتوجه خوجة للحاضرات والحاضرين بمحاضرته البارحة في بيروت عن «الإعلام والتنمية الثقافية» التي ألقاها ضمن الجلسة الأولى لمؤتمر الأمن الثقافي العربي: ليس من غرض هذه الورقة أن تقدم تعريفا جامعا مانعا للثقافة، فقد بات من المعهود الإشارة إلى أن مصطلحا لم ينل من كثرة التعريفات ما ناله مصطلح «الثقافة»، حتى ليصح فيها ما ذكره الفيلسوف موريس ميرلوبوتي في قول له طريف، فالثقافة كما الفلسفة «تنهك نفسها بتعريف موضوعها». واعتبر خوجة في المؤتمر الذي دعا إليه المجمع الثقافي العربي، أن «الثقافة تلتقي بالإعلام في أنها تقوم على نظام اتصال، فهي نظام (إشاري) بالشكل الذي حدده السيميائيون، فهي تتضمن كل شروط العلامة المعهودة في نظام الاتصال، بمعنى أنها تحتاج حتى تصل إلى المتلقي إلى قناة موصلة، تطورت هي الأخرى من مرحلة إلى مرحلة من الصوت إلى النقش والرسم والخط والكتاب المخطوط، فالكتاب المطبوع إلى وسائل الإعلام المختلفة، وحتى ثورة الاتصالات الحديثة. والإعلام وسيلة ناقلة لمحتوى متغير وهي في شكلها العام لا تتضمن موقفا ما لأنها تتلون بحسب المضمون الذي تكون عليه وبإمكان الوسيلة الإعلامية أن تكون محافظة أو ثورية ذات منظور ثقافي أو ذات محتوى مبتذل، لكن هذه الوسيلة الإعلامية مهمة جدا في نقل المحتوى الثقافي إلى الناس، وازدادت هذه الأهمية مع مولد الرأي العام واتساع دائرة الثقافة الجماهيرية، حدث هذا مع المطبعة حين أربكت التصورات التقليدية عن انتشار المعرفة التي كانت في يوم من الأيام محتكرة لدى طبقة بعينها. ثم جاءت الصحافة وعبرت عن مولد الحريات، وكونت الاتجاهات السياسية والاجتماعية. وحين اكتشفت السينما كانت الحلم الجديد، فجاء الراديو الذي ساهم في حركات النضال ثم تبعه التلفزيون الذي صبغ القرن العشرين بروحه وجماهيريته، وها نحن الآن نعيش تلك الثورة العجيبة في نظم «الاتصال» في أشكالها المختلفة ومن أبرزها «الفضائيات» وشبكة الإنترنت بما تطرحانه من عجائب لم تخطر على عقل إنسان وبما أحدثاه من إرباك لما كانت عليه البشرية في رحلتها الطويلة». وختم الوزير خوجة: «نربط بين الثقافة والتنمية والإعلام فإن منظورا جديدا يحققه ذلك الارتباط، فالتنمية بما تتضمنه من هدف الارتقاء بالإنسان فردا ومجتمعا في أمس الحاجة إلى ثقافة تواكب طموحه وتعبر عن آماله وآلامه وكدحه وعرقه وكفاحه، من هنا يأتي دور الإعلام بصفته «قناة» محققة لهذا الاندماج بين التنمية والثقافة معبرا عنهما في التنمية الثقافية التي لا ينجح أي برنامج تنموي إذا ما جاء خاليا من مشروع ثقافي يحمله». وكان افتتاح المؤتمر حاشدا بالشخصيات الثقافية والسياسية من كافة أرجاء الوطن العربي، . وعقدت الجلسة الأولى تحت عنوان "الإعلام والتخطيط والأمن الثقافي العربي" ترأسها الإعلامي كميل منسى، وشارك فيها الوزير خوجة ورئيس تحرير صحيفة السفير اللبنانية طلال سلمان والوزير البحريني السابق الدكتور علي فخرو.