«الأمن الثقافي العربي» كان محور المؤتمر الدولي الحادي عشر الذي افتتحه المجمع الثقافي العربي في بيروت أمس ويُختتم اليوم، برعاية وزير الثقافة اللبناني سليم وردة. وتذكّر أهل الفكر والثقافة العرب خلال الافتتاح، الأمين العام السابق للمجمع الوزير اللبناني الراحل أسعد دياب، وتحدّث كل من نائب الأمين العام للمجمع كميل منسّى، وأمين سرّه فكتور الككّ. كما ألقى كلمة الأعضاء العرب في مجلس أمناء المجمع، رئيس اتحاد الجامعات العربية مروان كمال. واستهلّ الجلسة الأولى التي أدارها منسّى بعنوان «الإعلام والتخطيط والأمن الثقافي العربي»، وزير الإعلام والثقافة السعودي عبدالعزيز خوجة من خلال ورقة بعنوان «الإعلام والتنمية الثقافية». واعتبر خوجة أن «الثقافة تفعل في المجتمع ما لا يفعله سواها، فهي البصمة التي تُحدِّد وجهة مجتمع ما ورؤيته، وهي الضامنة لصموده بما تمتلكه من خصائص ثابتة، وسمات تكفُلُ لأمة ما أو مجتمع ما حضوره في التاريخ، وهي، كذلك، النبع الثري الذي لا ينفدُ معينهُ أدباً وفلسفة وعلماً وفولكلوراً وزياً وعادات وتقاليد، إنها الجينات الوراثية الاجتماعية التي تميِّز أمة عن أمة ومجتمعاً عن مجتمع». ورأى خوجة أن «الثقافة» تلتقي ب «الإعلام» في أنها تقوم على نظام «اتصال»، «فهي نظامٌ إشاريّ بالشكل الذي حدده السيميائيون، فهي تتضمن كل شروط العلامة المعهودة في نظام «الاتصال»، بمعنى أنها تحتاج حتى تصل الى المتلقّي الى قناةٍ موصلة، تطوّرت هي الأخرى من مرحلة الى مرحلة، من الصوت الى النقش والرسم والخط والكتاب المخطوط فالكتاب المطبوع الى وسائل الإعلام المختلفة، وحتى ثورة الاتصالات الحديثة». وأضاف أن «الإعلام وسيلةٌ ناقلةٌ لمحتوى متغيِّر، وهي في شكلها العام لا تتضمن موقفاً ما، لأنها تتلوَّن بحسب المضمون الذي تكون عليه، وبإمكان هذه الوسيلة الإعلامية أن تكون محافظة أو ثورية، ذات منظور ثقافي أو ذات محتوى مبتذل، لكن هذه الوسيلة الإعلامية مهمة جداً في نقل المحتوى الثقافي الى الناس، وازدادت هذه الأهمية مع مولد (الرأي العام)، واتساع دائرة (الثقافة الجماهيرية)، حدث هذا مع (المطبعة) حين أربكت التصورات التقليدية عن انتشار المعرفة التي كانت في يوم من الأيام مُحتكرة لدى طبقة بعينها، ثم جاءت الصحافة وعبَّرت عن مولد الحريات، وكوَّنت الاتجاهات الاجتماعية والسياسية، وحين اكتُشفت السينما كانت الحلم الجديد، فجاء الراديو الذي ساهم في حركات النضال، ثم تبعه التلفزيون الذي صبغ القرن العشرين بروحه وجماهيريته، وها نحن الآن نعيش تلك الثورة العجيبة في نُظم الاتصال في أشكالها المختلفة ومن أبرزها الفضائيات وشبكة الإنترنت بما تطرحانه من عجائب لم تخطُر على عقل إنسان، وبما أحدثتاه من إرباك لما كانت عليه البشرية في رحلتها الطويلة». وقال خوجة: «حين نربط بين الثقافة والتنمية والإعلام، فإن منظوراً جديداً يحققه ذلك الارتباط، فالتنمية بما تتضمنه من هدف الارتقاء بالإنسان فرداً ومجتمعاً في أمسِّ الحاجة الى ثقافة تواكِب طموحه، وتُعبِّر عن آماله وآلامه، وكدحه وعرقه وكفاحه، ومن هنا يأتي دور الإعلام بصفته قناةً محقِّقةً لهذا الاندماج بين التنمية والثقافة مُعبّراً عنهما في التنمية الثقافية التي لا ينجح أي برنامج تنمويٍّ إذا ما جاء خالياً من مشروع ثقافي يحمله». كما تحدّث في الجلسة الأولى كل من صاحب جريدة «السفير» اللبنانية ورئيس تحريرها طلال سلمان حول الإعلام والأمن الثقافي العربي، والباحث الوزير البحريني السابق علي فخرو. وبحث المؤتمر موضوع الجامعات والأمن الثقافي العربي في جلسته الثانية التي تحدث فيها كل من رئيس اتحاد الجامعات العربية مروان كمال، ووزير التعليم العالي في سورية ورئيس جامعة دمشق سابقاً هاني مرتضى. كما تناول المؤتمر دور المنظمات الأهلية والحكومية والمجتمع في الأمن الثقافي العربي، وتحدث فيه وزيرة الثقافة البحرينية مي آل خليفة حول تجربة مركز الشيخ ابراهيم آل خليفة الثقافية في البحرين، ورئيس قسم الدراسات في مركز جمعية الماجد في دبي عز الدين بن زغيبة، ورئيس مركز الدراسات للعالم العربي والإسلامي في جامعة بوردو سماحة الخوري. ويختتم المؤتمر أعماله اليوم بجلسة حول الهيئات الثقافية ومراكز الأبحاث وعلاقتها بالأمن الثقافي العربي، يتحدث فيها كل من الأستاذة الجامعيين أنطوان سيف، وسعود المولى ومصلح النجار.