تشكل مجموعة «كلما همت ارتجف خيال البرزخ» للشاعر السعودي محمد الضامن، بالنسبة إلى القارئ مزيجا من أمور وحالات يخلق بعضها متعة لا يلبث بعض آخر منها أن يقضي على تلك المتعة، أو يجعل القارئ ينساها أو يقلل منها. ضمت مجموعة الضامن 21 قصيدة من «عائلة» قصائد النثر، امتدت على 55 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن الدار العربية للعلوم ناشرون. القصائد أقرب إلى أن تكون حالة واحدة.. والمقصود بتعبير حالة هنا لا الحالة الشعورية الضرورية لخلق التعبير الشعري المؤثر، بل إنها تكاد تكون حالة فكرية واحدة أو حالات توأمية في أفضل أوضاعها. وهذا الأمر ربما لا يعد نقيصة إلا عندما تتكرر هذه الحالة أو الحالات التوأمية في برودة فكرية ولعب مجازي ورمزي وبلاغي كثيرا ما تنقصه هبة دافئة من حياة حارة. وربما ذكرنا الشاعر هنا بما قيل في البديع قديما من أن المحسنات -اللفظية والمعنوية منها- خاصة الأولى هي مثل الملح في الطعام.. قليله يجعل الطعام سائغا ولذيذا، وكثيره يجعل النفس تمجه أو يفسده كليا. هذا لا يعني أن كل شعر الضامن هو كذلك، فعند الشاعر قدر كبير من الجميل.. الجميل الذي نشعر من خلاله بنسمات من أناشيد سليمان، ومن عالم الشاعر أدونيس وغيره، لكن ما قد يعتبر مأخذا هو نوع من الإصرار عند الضامن على الإغراق في اللعبة الفكرية والبلاغية، التي ما أن يتخلص منها في قسم من القصيدة حتى يعود إليها عودة حبيب مشتاق.