يقول الطنطاوي رحمه الله في كتابه «مع الناس»: بأن أساس الزواج يبنى على التوافق الفكري والسلوكي والاجتماعي والمالي، وبعد كل ذلك تأتي العاطفة والمحبة. أما مسلسلاتنا فتصور الحب بأنه هو أساس الحياة الزوجية، وعليه تقوم الحياة، فنجد الفتاة دائما تحلم بالحب مع من ترتبط به، وترى أن الحب هو كل الحياة، وتنسى أساسيات الحياة الزوجية، وتصدم بعد ذلك في الواقع، وتحدث الكوارث الزوجية ومشكلاتها التي ربما تنتهي بالطلاق. فإذا اتفقنا على أن هناك مقومات لابد من توفرها قبل أن تبدأ الحياة الزوجية، فكيف يتسنى للفتاة والشاب في مجتمعنا أنه يتوفر بينهما التكافؤ الفكري والسلوكي، ونحن نرفض الحديث والاقتراب إلا بعد عقد القران، فإذا تم ذلك وعلما بعد فترة أنهما لايتناسبان ترددا كثيرا في الانفصال ويخجلان من ردة فعل المجتمع، وقررا على مضض إكمال الحياة وتكبدا الكثير من المعاناة بعد ذلك. فزيجاتنا أشبه ما تكون بلعبة شختك بختك، فأنت وما يخبئه لك القدر داخل هذه اللعبة، فإما أن تثلج صدرك، وإما أن تتجرعها وتصبر وتحتسب حفنة الريالات فيها. ولكن الحياة مشروع ليس قابل للتغيير والتبديل فهو أشبه بثوب ترتديه، وإذا قررت أن تخلعه ترك آثارا في جسدك لا تداويها السنين. ولكي نبني حياة زوجية سعيدة لابد من أن نتحرر من الأعراف والتقاليد التي مازالت تكبلنا فمازال من العيب والحرام عرفا أن تتحدث الواحدة مع خاطبها إلا بعد عقد القران.. فلماذا لايكون هناك حديث للتعارف بينهما غير خادش للحياء، وليس فيه خضوع في القول، وليكن ذلك بوجود أحد محارمها أو بقرب أمها؛ وكل ذلك لمعرفة التطابق بينهما. هذا العرف الذي يكبل المجتمع لابد من أن تفك قيوده وأن يطبق في الحياة وفق ضوابط شرعية إسلامية، وقبل كل ذلك لابد من أن تقتنع هذه الفتاة أن الحياة تبى على مقومات أساسية وليس على الحب وحده. هدى باشديلة