في البداية.. كانت عملية بيع القصائد من قبل ناظميها على بعض الموسرين تتم في الخفاء وباتفاق ثنائي بين الشاعر البائع والمشتري «المتشاعر» ودون وسيط في أغلب الأحيان، وكان بعض المشترين يدفعون للناظم عشرات الآلاف أو سيارة فارهة مقابل قصيدة واحدة تعجبهم، ثم يدفعون أكثر من ذلك لأحد المطربين لأداء القصيدة التي تصبح مملوكة للمشترين، وهذا الأمر الذي بدأ «على خفيف» وتحت بند «سري للغاية» جعل بعض الشعراء الأصليين يكتبون قصائد جميلة ثم يدورون بها على مطربين حتى تتحول القصائد إلى طرشي أو «مخلل» دون أن يجدوا من يغنيها لهم، وفي الوقت نفسه تأنف نفوسهم عن القيام بالتكسب بما كتبوه عن طريق بيع بعض قصائدهم لمجموعة من «المتشاعرين» لأنهم يرون في ذلك خيانة للشعر والأمانة والفن والتاريخ. وقد بلغني أن أحد الشعراء المعروفين في مجال كتابة الأغاني سئل قبل فترة عن أسباب عزوف المغنين حتى الشبان منهم عن قصائده، مع أن تجربته الشعرية أصبحت أكثر نضجا وروعة، فأجاب سائله بقوله: إن كان كل قصيدة أقدمها لمطرب تحتاج إلى سيارة فارهة فمن أين آتي بثمن درزن من السيارات الفارهة، في الوقت الذي أحتفظ بسيارتي موديل 92م؟. ولكن مسألة إخفاء بيع الشعر على الراغبين في الشراء لم تعد مسألة مخجلة، بل أمست تمثل نوعا من أنواع التباهي من قبل بعض الشعراء البائعين، حتى أن الإنسان قد يقرأ تصريحا لشاعر يعترف فيه ببيع كمية من قصائده لمشتر أو أكثر، وتصريحا آخر لشاعر يفاخر بأنه تلقى عروضا مغرية لشراء شيء من قصائده فأبى، إما لضعف قيمة العرض، أو لأنه لا يوافق على مسألة البيع والشراء من أصلها، أو لغير ذلك من الأسباب. وأتوقع أنه في حالة تطور «المزاد الشعري» أن ينتج عن ذلك وجود مكاتب لبيع وشراء الشعر تنشر إعلانات في الصحف على النحو التالي: «نحن نبيع ونشتري قصائد الشعر في جميع المواقع» للراغبين الاتصال على الهواتف الجوالة رقم، ورقم، ورقم!. وإذا كان هناك من يشكك في تمتعنا بخصوصية لا توجد في أي مكان في العالم فهذا أكبر دليل على وجود تلك الخصوصية!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة