شهر أبريل هو الشهر الذي تكون معه «جزيرة فرسان» على موعد مع قدوم أسماك الحريد التي تزور أسرابها أحد سواحل هذه الجزيرة.. وعلى الرغم من أن التاريخ الميلادي تاريخ ثابت إلا أنه ليس هناك يوم محدد – في هذا الشهر – تظهر فيه هذه الأسماك نظرًا لارتباط البحر – في حالتي المدّ والجزر – بالقمر.. لذلك جرت العادة أن يكون ظهور الحريد في النصف الثاني من الشهر القمري، أي ابتداءً من السادس عشر وقد يمتد إلى ما بعد العشرين لأن البحر – في هذه الأيام – يصبح في حالة امتلاء وهو ما يُعرف ب «المد» أو ما يعرف ب «السَنَّه» بلغة البحارة الفرسانيين ويكون – أيضًا – في حالة تراجع ليصل إلى مرحلة «الجزْر» إذ أنه بين الحالتين تظهر أسراب هذه الأسماك لتجد الصيادين في انتظارها بشباكهم وعادةً ما يكون ذلك بين الساعة السادسة والنصف والعاشرة صباحًا تقريبًا. بالنسبة للشهر القمري، يظهر الحريد على مدى ثلاث سنوات في شهر واحد، وكمثال على ذلك: في عام 1429 ه ظهر في شهر ربيع الآخر وكرر ذلك في عام 1430 ه، وفي هذا العام 1431 ه سيبدأ ظهوره في الثامن عشر أو التاسع عشر، وسيكون مهرجان الصيد في صبيحة يوم الخميس 23 / 4 / 1431 ه الموافق 8 أبريل 2010 م ، أما في العام القادم 1432 ه فسيكون هذا المهرجان في النصف الثاني من شهر جمادى الأولى إن شاء الله. لم تكن ظاهرة خروج أسماك الحريد وليدة أزمنة حديثة – كما يظن البعض – ولكنها ظاهرة متجذرة في التاريخ حيث كتب عنها وعن الطيور المهاجرة - التي تعبر أجواء جزيرة «قمّاح» إحدى جزر فرسان – المؤرخ ابن المجاور في كتابه «اليمن وبعض بلاد الحجاز» قبل ستمائة عام تقريبًا ووصف احتفاء أهل هذه الجزر بهاتين الظاهرتين حيث يعود الغائبون إلى ديارهم وتعود سفن الغوص الشراعية بمن فيها إلى ذويهم وتتحول الحياة إلى أفراح راقصة وبهجة مكتنزة بلقاء الأرض والأهل والأحباب بعد طول غياب. تتحول الأمسيات – في منازل العرائس – إلى فرح عارم وغناء بهيج تنشد فيه أشعار هذه المناسبة بكلمات تتجدد كل عام فيما يسمونه ب «أغاني الحريد». الأطفال يفرحون ويستقبلون العائدين – من الصيد – بالأعلام الصغيرة والدمى المزركشة، والشعراء يمطرون المناسبة بما تجود به شاعريتهم، والصبيان والشبان – قبل زمن السيارات – يعتنون بتربية دوابهم التي يمتطونها في ذهابهم إلى ساحل الحريد. أما أبرز ظاهرة طبيعية – يعرف بواسطتها ظهور هذه الأسماك – هي تلك الرائحة التي تفرزها الشعاب المرجانية – بعد مغرب كل يوم – وتملأ رائحتها أجواء الليالي التي تسبق ليالي الحريد، وهي ظاهرة تستحق الدراسة من الناحية العلمية، والفرسانيون يسمونها «بوسي». خلاصة القول: إن فرسان ستكون في العشر الأخيرة من هذا الشهر على موعد مع لقائها السنوي بصاحب السمو الملكي أمير منطقة جازان الذي سيرعى هذا المهرجان كما هي عادته في كل عام، وكل حريد وأنتم بخير. للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 101 مسافة ثم الرسالة