«العرض مجاني ولفترة محدودة»، عبارة تشد المشاهد لإعلان قد ملأ الشوارع والفواصل الإعلانية في القنوات الفضائية، وقد يرغب المستهلك بشراء تلك السلعة ويكتشف بعدها أن العرض مجرد وهم في وهم، الكثير من الناس بات موقنا أن تلك الإعلانات التي تنشر في وسائل الإعلام المختلفة مبالغ فيها، والبعض يرى ويشكك في مصداقيتها ومع ذلك يقعون في فخها، ناهيك عن الوعود الوهمية والزائفة التي يحملها الإعلان. «عكاظ» فتحت ملف الإعلانات الكاذبة وتساءلت: هل مخالفة الإعلان لواقعه جائزة، وهل هناك جهة حكومية أو مستقلة تحاسب هذه الشركات التي غررت بالمستهلك، وهل تقبل الجهات المعلن فيها عن تلك السلع المكذوبة؟. مطابقة الواقع بين الداعية والباحث الشرعي الدكتور خالد الشايع أنه يجب الصدق والتبيان لكل ما يعلن، والحذر من الكذب والخداع، موضحا الحكم الشرعي لها بقوله «الإعلانات التجارية حلال ومباحة ولا يوجد حرج في أن يقوم التاجر أو البائع بالتعريف بسلعته»، مفيدا أن هذا التعريف يختلف من عصر لآخر بحسبب ما يتوافر من تقنيات وأدوات، وكذلك بحسب الخلفيات الثقافية للمجتمعات. واستدرك الشايع «لكن ينبغي أن يلاحظ في تلك الإعلانات الأحكام الشرعية، والآداب الإسلامية، ومن ذلك وجوب الصدق والبيان المطابق للواقع والحذر من الكذب والخداع». وسرد الشايع بعض صور الغش المحرمة في الإعلانات بقوله «يتم الإعلان عن سلعة معينة بوصفها ومدحها بأشياء تخالف الواقع، وهذا محرم شرعا لأنه ينبغي أن يكون المعروض من السلع والمصور منها مجانبا للكذب والخداع». ووضع الشايع مجموعة من الآداب التي يجب أن يلتزم بها في الإعلانات التجارية وهي «يجب ألا تتضمن ما يخل بالكرامة أو يخدش الحياء أو يمتهن الإنسانية كاستغلال صور النساء لترويج السلع، أو ابتزاز الناس بالعبارات الجنسية، أو التأثير عليهم بالعبارات المبالغ فيها». وخلص الشايع إلى رؤية عامة للإعلانات بقوله «التاجر عندما يعلن فإنما يعبر عن أخلاقياته حسنا أو سوءا، قبل أن يعلن عن سلعته»، مشددا على أن التجارة شطارة ولكن معناها الإتقان والإبداع وأساسها الصدق والإخلاص. النصح فقط ورفض المسؤول الإعلاني قيس الحمادي التحري عن صدقية هذه الإعلانات، مبينا أنه لا يمتلك الصلاحيات للموافقة أو الرفض عن إعلان يأتي ويرى أن فيه مبالغة، مفيدا أنه ينصح العميل بأن هذا الأمر سيؤثر على مصداقية الشركة وربما يتسبب لها بضرر لاحقا، وهو الأمر الوحيد الذي يستطيع فعله. ورمي الحمادي الكرة في ملعب المستهلك من خلال حديثه «بأنه هو الذي يميز بين الإعلانات التي تكون واقعية وصادقة والتي تكون بخلاف ذلك»، ملاحظا أن الإعلانات المبالغ فيها تكون خارجة عن المنطق المتعارف عليه. حقوق المستهلك من جانبها، دعت الكاتبة والإعلامية هنادي عباس المستهلك لضرورة التحري قبل الشراء، مشددة على دور تحري أصحاب الفضائيات والصحف للمصداقية وذلك لحفظ حقوق المستهلك. وأوضحت أن فكرة الإعلان في الأصل والمعنى هي فكرة مبنية على عرض الشيء وطرحه أمام الناس لإيصاله إلى أكبر عدد ممكن من العملاء، مبينة أن الإعلان يعتبر همزة الوصل بين المعلن والمستهلك، لذلك يجب أن يبنى على مبادئ مهمة تحفظ للمستهلك حقوقه، وللمعلن مصداقيته. وأشارت عباس إلى أن ما بني على باطل فهو باطل، مؤكدة على أن الإعلانات المكذوبة تعد من أكبر العوامل التي تؤثر تأثيرا سلبيا كبيرا على حركة السوق، وبذلك تؤدي إلى تدهور الحركة الاقتصادية على المدى البعيد. ولاحظت عباس التأثير الكبير الذي يلحق بسوق تلك الشركات، داعية إلى أنه يجب التعميم على مثل هذه الشركات بالكف عن الخوض في ذلك، لما يتسيب فيه من ضرر كبير واضح، بدأ يتفشى في مجتمعنا أكثر فأكثر، وطالبت بمعاقبتهم في حالة عدم استجابتهم على ما جلبوه من ضرر وسرقة أصبحت شبه علنية. وتمنت عباس أن تفضح تلك الإعلانات التي تكون مغلوطة من قبل وسائل الإعلام حتى تكون عبرة لغيرها، موضحة أن مروجي هذه الإعلانات يأكلون أموال الناس بالباطل، مستبعدة أن يقف الإعلام معهم معللة ذلك بأن الإعلام هو عبارة عن قراءة الحدث بمصداقية، وأصحاب الإعلانات الكاذبة لا ينتمون للصدق بصلة.