«الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف» هو عنوان المؤتمر الذي بدأ يوم أمس في رحاب الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة، ولا أدري لماذا تم تصميم العنوان ليكون بهذه الصيغة، إذ كان من المستحسن أن يكون مباشرا باتجاه القضية الأساسية بدلا من جعله قابلا لطروحات وتأويلات قد لا تخدم الهدف الأساسي منه .. على أي حال ليست هذه مشكلة كبيرة، لأن فتح الباب لمناقشة علاقة التطرف الفكري بالإرهاب، تحت أي عنوان أو مسمى، يمثل خطوة مهمة باتجاه المعالجة. هذا المؤتمر لا يجب أن يكون مثل غيره من المؤتمرات الاحتفالية التي تنطفئ بانتهاء الكرنفال، أو المؤتمرات النمطية التي تعقد بالعشرات كل عام وتنتهي إلى توصيات تموت في الملفات. في اعتقادي أنه يمثل أهم المؤتمرات منذ أن بدأنا نواجه إرهاب الرصاص والتفجير والتدمير الذي أسس له فكر التشدد والغلو والتطرف خلال وقت طويل، برعايتنا وتحت أبصارنا، رغم كل المؤشرات التي تنذر بالخطر المحدق .. لا نريد من هذا المؤتمر أن يكرر على أسماعنا ما لسنا مختلفين عليه من أن غرضه إبراز وسطية الإسلام واعتداله وتسامحه مع الآخر وبراءته من الإرهاب فكرا وسلوكا. كل هذا نعرفه جيدا، وتكراره لن يضع المشكلة الحقيقية على مشرحة المعالجة. نريد طرحا علميا عقلانيا شجاعا يوضح دون مواربة أو خشية أو تردد كيف نشأت منابع الفكر المتطرف، وكيف أقيمت معامل تخصيب هذا الفكر ليتحول إلى إرهاب فكري، ثم إلى إرهاب حركي. نريد أن نعرف كيف استمر تجنيد الشباب إلى هذا اليوم رغم كل الذي واجهناه من دمار؟ هذا المؤتمر لا يحتاج إلى سجالات واتهامات متبادلة، ولا يحتاج إلى التفاف على الحقائق، وليس مفيدا الحديث فيه بهمس، لأنه يناقش أخطر قضية تهدد أمننا واقتصادنا وثقافتنا ووئامنا ووحدتنا. لا بد لكل متحدث أن يكون مخلص الضمير والنية، وأن يضع نصب عينيه وطنا يهدده عبث الإرهاب قبل أن يفكر في الانتصار لرأيه وفكره في المقام الأول .. لا نحتاج الزج بالوطن في مزايدات، ولا نريد توظيف الدين في تصفيات فكرية لحسابات معينة .. نريد أن نكون صادقين في تخليص وطننا من هذا الكابوس الثقيل. [email protected] للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي تبد أ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة