احتجزت سلطات كوريا الجنوبية رجلا وزوجته لأنهما انشغلا عن العناية بطفلهما الرضيع بتربية طفل وهمي في العالم الافتراضي على شبكة الإنترنت ما أدى إلى موت الرضيع الحقيقي، فقد ذهب الأب الأربعيني والأم العشرينية إلى أحد مقاهي الإنترنت وقضيا سبع ساعات في تربية الطفل الافتراضي وحين عادا إلى البيت وجدا أن ابنهما الحقيقي مات من الجوع، ومن المعروف أن كوريا الجنوبية قد أنشأت عيادات لمعالجة المدمنين على الألعاب الإلكترونية الافتراضية (أي مستشفيات أمل إلكترونية!)، وكوريا ليست الدولة الوحيدة التي تعاني من مشاكل العالم الافتراضي بل ثمة دول كثيرة في هذا العالم تعاني من لعنات الإنترنت، ومن أبرزها الصين التي لاحظت كثرة انتحار الأطفال للحاق بالعالم الافتراضي، كما أن رجلا ألمانيا قام بتطليق زوجته لأنها خانته في العالم الافتراضي!. وبشكل عام أعتقد بأننا سبقنا الجميع في ممارسة العيش داخل عالم افتراضي، لم نكن بحاجة إلى ثورة الإنترنت والألعاب الإلكترونية التفاعلية كي نبتكر عالمنا الافتراضي الخاص، لقد صنعناه منذ أمد بعيد، ففي كل مرة نتحدث فيها عن البطالة وتوطين الوظائف تظهر صور شباب يرتدون ملابس العمال الزرقاء مما يوحي بأننا مقبلون على نهضة صناعية لا مثيل لها، ولكن تمر السنين وتبقى هذه الصورة الافتراضية فلا العاطلون وجدوا عملا ولا المصانع التي تستوعبهم فتحت أبوابها بينما بقيت هذه الصورة في الصحف مع تغييرات طفيفة كل عام. أما حين نتحدث عن الأدوار التي تلعبها المرأة السعودية في المجتمع، فإننا نعرض صورة سيدة أعمال ثرية افتتحت مشروعا خيريا، أو مذيعة تلفزيونية وحيدة استطاعت تجاوز العوائق الكثيرة ودخلت مجال الإعلام، أو فنانة تشكيلية افتتحت معرضا فنيا في عاصمة أوروبية، أو طبيبة حصلت على جائزة عالمية، ونظل نعيد ونكرر هذه النجاحات الفردية النادرة ونحن نعرف في قرارة أنفسنا أننا نعيش في عالم افتراضي، حيث تجلس الكثير من النساء في البيوت يتأملن شهاداتهن الجامعية دون أن تتاح لهن الفرصة الحقيقية لخدمة وطنهن والمشاركة الفعلية في خدمة المجتمع. وكذلك الحال حين نتحدث عن المجتمع الفاضل الأبيض الذي لا يوجد مثيل له في هذا العالم، نحن نفترض وجود هذا المجتمع ولا نعيش فيه، ويكفي أن نطلع على الإحصائيات المتعلقة بجرائم القتل والاغتصاب والسرقة والعنف الأسري كي نتأكد أننا شاركنا في صناعة وهم كبير وهربنا من واقعنا إلى واقع افتراضي. نحن نشبه كثيرا ذلك الكوري الجنوبي وزوجته حيث نتناقش حول مجتمع افتراضي ونربي طفلا لا وجود له على أرض الواقع ونترك الطفل الحقيقي يصرخ من الجوع حتى يموت!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة