إن ذهنية منع أي شيء بعد حادث ما بسبب تصرف قلة، كأن يقال ومع أول حادثة: «علينا منع هذا الأمر، أو وضع مطبات صناعية في أغلب الشوارع لأن هناك قلة يفحطون، أو هدم المسجد الحرام لإعادة بنائه من جديد، لمنع الاختلاط في الحج، فيصبح هناك طوابق للرجال وأخرى للنساء، بسبب قلة سيستغلون الاختلاط لمصالحهم الشخصية». قلت: إن فكرة المنع مضرة ومحبطة للغالبية، لأنهم سيدفعون ثمن خطيئة لم يرتكبوها، ومن الظلم أن يدفع إنسان ما ثمن خطيئة لم يقترفها، فما بالك حين يكون العقاب جماعيا مع أن الخطأ فردي؟ في الأسبوع الماضي انتقل إلى رحمة الله الطفل/الطالب محمد الحكمي في ملاهي جدة، وكانت مدرسته قد أعدت رحلة طلابية ترفيهية للطلاب، فسقطت على قضبان القطار، هناك من قال إن الطالب تسلل وحده في مغامرة دون أن يحسب حساب أي شيء كما يفعل الأطفال، وهناك من يرى أن متطلبات السلامة غير متوفرة في الملاهي، وما زالت الشرطة تحقق. إدارة التعليم في جدة وبعد هذه الحادثة ستصدر تعميما عاجلا إلى جميع المدارس لمنع خروج الطلاب في رحلات طلابية للأماكن الخطرة، ومنها الملاهي والمسابح أثناء الدوام الرسمي، أو خارجه من أجل الحفاظ على سلامة الطلاب. هكذا وبسهولة ستقرر إدارة التعليم الاعتماد على ذهنية المنع «التحريم»؛ كحل للمشكلة، دون أن تراعي حقوق غالبية الطلاب، ولا أن تسأل نفسها: كم مرة تكررت مثل هذه الحادثة، وكم عدد الرحلات الترفيهية التي قامت بها مدارس المملكة طوال سنوات دون أن تنتهي بحادثة حزينة؟ وهل بسبب حادث فردي علينا أن نحرم الطلاب من الترفيه؟ إن موت الطفل محمد مؤلم، ومن حقه علينا أن يحقق في قضيته لمعرفة من المتسبب، وإن كانت إجراءات السلامة غير متوفرة في الملاهي، لا بد من محاسبة الملاهي، ومحاسبة الجهة المسؤولة التي تعطي تصاريح دون أن تراقب عمل تلك الملاهي، فالأطفال سيموتون بغض النظر ذهبوا برحلة طلابية أو مع أسرهم. وإن كانت إجراءات السلامة متوفرة، وما حدث هي مغامرة مارسها طفل بريء، كما مارسنا مغامرات ونحن أطفال، فدفع هو رحمة الله عليه الثمن، دون أن نعرف: لماذا محمد دفع ثمن هذه المغامرة فيما الكثير مارسها ولم يدفع الثمن، على افتراض أن هذا هو الثمن؟ بقي أن أقول: إن ذهنية التحريم، مدمرة وظالمة، وليس من العدل أن يخطئ قلة، فيتم تحريم الترفيه. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة