في سؤال طرح لي من محررة أردنية، عن رأيي الشخصي في مسألة إدخال اللهجة العامية في الكتابة السردية، سواء أكان ذلك ضمن مقاطع من السرد أو في الحوار الذي يدور بين الشخوص، أجبت بأنني لا أفعل ذلك في كتابتي الخاصة، إلا إذا كتبت مقاطع شعرية من أغنيات لأحد المعنين، كما حدث في رواية (زحف النمل) وفي مقاطع شعرية أخرى في بعض الروايات، لكني لست ضد استخدام اللهجة العامية لأي بلد في الكتابة، إذا اقتضت الضرورة استخدامها. الحقيقة أننا كشعب عربي متعدد البلدان، لكل بلد منه لهجته الخاصة التي يستخدمها أثناء الحياة اليومية. هذه اللهجة بالطبع هي لهجة الشخوص الذين يدورون في حركة النص حين يكتب، وفيهم أميون وعمال شبه أميين، قطعا ستكون هذه هي لهجتهم الصادقة، هذا جانب إيجابي بلا شك، وجانب واقعي، ويعطي الرواية حرارة وصدقا، ولكن تكمن المشكلة في أن معظم اللهجات المستعملة في الدول العربية، تعتبر لهجات مغلقة على بلدانها، وليست شهيرة كاللهجة المصرية التي يعرفها القاصي والداني، ولهجات أخرى بدأت تتخذ وضعية الشهرة مؤخرا، بعد انتشار الفضائيات، مثل اللهجة الخليجية والشامية. بالنسبة للهجات المغلقة، ستظل مغلقة، ولن يتعدى انتشار العمل الأدبي، حدود تلك البلدان، وتذوق أهلها. وقد لاحظت في مشاهدتي لبعض الأفلام السينمائية المغربية، مفارقة كبيرة، وهي وجود ترجمة عربية للحوار الذي يدور بالعربية، ولكن بلهجة لن يستطيع أحد خارج المغرب أن يلتقطها بسهولة أو يلتقطها على الإطلاق. بالنسبة للهجة السودانية، فتوجد منها لهجة شهيرة ومتداولة عند معظم الناس، ولهجات أخرى تستخدم في الريف وعند القبائل البدوية، كلها طلاسم، وقطعا تحتاج إلى ترجمة على الشريط لو استخدمت سينمائيا، أو حواشي للشرح، لو صيغت بها قصائد من الشعر، أو كتبت في سرد قصصي، وأتذكر هنا الشاعر الجميل محمد القدال الذي يكتب قصائده بلهجة محلية صرفة وبواحدة من تلك اللهجات الصعبة، لكنها قصائد كبيرة وعظيمة. ما هو الحل إذن، إذا أردنا ثقافة لا تخرج الشعوب من محليتها، وفي نفس الوقت تنتشر في كافة البلاد التي تتحدث العربية؟.. كيف نجعل شخصية ريفية بسيطة، تحاور شخصية ريفية بسيطة أخرى، تتحدث بحرية، ويصل حديثها إلى كل بقعة عربية من دون وساطة؟ الأمر صعب للغاية، فيمكن توحيد العملة العربية، توحيد الاقتصاد، ولكن لا يمكن توحيد اللهجات في لهجة واحدة. للتواصل أرسل رسالة نصية SMS إلى الرقم 88548 الاتصالات أو 626250 موبايلي أو 727701 زين تبدأ بالرمز 104 مسافة ثم الرسالة