ماراثون جدة المفتوح حدث مبهج ومفيد يعكس عالمية هذه المدينة واهتمام سكانها بالأنشطة الرياضية وبالصحة واللياقة. نظرة إلى قائمة الفائزين الخمسة عشر في السباق الأساسي لهذا العام والذي جرى في الأسبوع الماضي توضح انتماءهم إلى تسع جنسيات مختلفة هي إثيوبيا (التي فاز مواطنوها بالمراكز 1و 4 و 11)، السعودية (2و5)، البحرين (3)، فرنسا (6و9)، قطر (7و8) كينيا (10)، الأردن (12و15) المغرب (13)، عمان (14)، بل إن عدد الدول المشاركة فاق الخمسين دولة وعدد المتسابقين الستة آلاف متسابق، حتى السباقان المتزامنان للشباب دون 18 عاما ولذوي الاحتياجات الخاصة ضما مشاركين وفائزين من جنسيات مختلفة. من المهم أن تكون هناك أحداث من هذا النوع في جدة وفي كل مدينة تشجع على المشاركة الجماعية والتعارف بين سكان المدينة الواحدة من مواطنين ومقيمين وتعكس القدرة على تنظيم الأنشطة العامة. استمرار هذه السباقات وحسن تنظيمها يكسبانها شهرة عالمية متزايدة، وهذا ما يحدث الآن مع ماراثون جدة الذي نتمنى له البقاء والازدهار بعد أن واجه بعض الصعوبات والانقطاعات في السابق. نظمت جمعية البر في جدة الماراثون ودعمته شركة موبايلي وكلتاهما تشكر على ما قامتا به من جهود، حيث كانت الترتيبات والخدمات ممتازة والجوائز سخية، وكذلك تشكر إدارة المرور التي قامت بإغلاق مسار السباق وأتاحت للمتسابقين الجري في مسارات هادئة على الكورنيش. شاركت في ماراثون هذا العام بعد طول انقطاع. ولا بد أنني كنت من أكبر المشاركين سنا وآخرهم وصولا إلى النهاية. ومع ذلك كنت سعيدا جدا بالمشاركة، وسعيدا أكثر بإكمال السباق على الرغم من أني قطعت أكثر المسافة مشيا لا جريا. طول ماراثون جدة هذا العام كان 15 كيلو مترا وفي السابق كان 20 كيلو مترا، أما الماراثونات العالمية فتصل إلى 42 كيلو مترا وهي المسافة الأصلية لسباق الماراثون. ولا أعتقد أن مسافة 15كيلو مترا ينبغي أن تكون صعبة بالنسبة لأغلب الناس الذين يتمتعون بلياقة معقولة، وهي تقارب المسافات التي يقطعها ملايين الحجاج مشيا في المشاعر المقدسة عاما بعد عام. للأسف أصبح قطع حتى هذا المشوار يبدو مرعبا لكثير منا بسبب طريقة حياتنا الكسولة. وهكذا راودني التردد في بداية الأمر. وللتغلب على الخوف بدأت على أساس الانسحاب بعد خمسة كيلو مترات إذا ما شعرت بالتعب. وعندما قطعت ثمانية كيلو مترات قلت لنفسي إن ما انقضى أكثر من الباقي. وبعد عشرة كيلو مترات قلت الثلث الباقي «صدقة». وعندما لم يبق غير ثلاثة كيلو مترات قلت لا شيء غير الوصول إلى خط النهاية. وعندما أكملت المسافة وعدت نفسي أن أحرص على المشاركة في ماراثون العام المقبل إن تبقى في رمق. وهكذا فإن العامل النفسي والتشجيع والمشاركة الجماعية تجعل الأمر أكثر سهولة وجاذبية. وفي الواقع أن المشاركة في ماراثون جدة، كل ما أمكن لي ذلك، تعتبر من أهم العوامل التي تحثني على ممارسة أبسط قدر من الرياضة بانتظام والمحافظة على الوزن. وأثناء الماراثون سمعت شبابا يلعنون التدخين لأنه كان السبب في كونهم لم يعودوا قادرين على منافسة أقرانهم من غير المدخنين ممن انطلقوا بسرعة وسهولة. المشي، وطبعا العدو أو الجري إن أمكن، نعم من نعم الله علينا التي لا نعطيها حقها ولا نهتم بها الاهتمام الكافي، بينما هي أساسية لنمو أجسادنا وحفاظها على قوتها ورشاقتها. إعطاء هذه النعم حقها من الشكر لا يكون إلا بممارستها بانتظام. والمشي رياضة سهلة ومتاحة للجميع في كل الأوقات. وكذلك العدو وإن كان إلى حد أقل. المدن المتقدمة تدرك أهمية هذه الرياضات وتهتم بإتاحة مسارات مناسبة لها في كل حي وكل حديقة أو متنزه عام إضافة إلى الملاعب والنوادي الرياضية. سكان هذه المدن يدركون أن ما يبذلونه من جهد في ممارسة هذه الرياضات البسيطة يوفر عليهم الكثير من العناء والمصاريف الباهظة في محاولات يائسة للتخلص من الوزن الزائد وما يتراكم في الجسم من دهون وشحوم تعيق الحركة وتزيد من احتمالات الإصابة بأمراض القلب والكثير غيرها من الأمراض الأخرى أو في علاج تلك الأمراض بعد حدوثها. مدينة جدة تحتاج إلى أضعاف ما هو متاح حاليا من مسارات المشي والجري العامة خاصة بعد ما فقدت الكثير من المساحات المفتوحة على الكورنيش التي كانت مثالية لهذه الرياضة. وعسى أن يكون ماراثونها الناجح من الدوافع لها على إعادة النظر في توفير أكبر عدد ممكن من هذه المسارات لتشجيع سكان هذه المدينة على ممارسة الرياضة بانتظام، وربما المشاركة في الماراثونات القادمة كبارا وصغارا حتى يصل عدد المشاركين إلى آلاف كثيرة بإذن الله. وكل ماراثون وأنتم بخير وعافية. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة