دشنت وزارة العدل في 14 محرم/1430ه مشروع الملك عبدالله لتطوير واقع القضاء والتوثيق القضائي في المملكة بميزانية تبلغ سبعة مليارات ريال، لكن وبعد عدة ندوات ولجان وأبحاث نظرية، وإجراءات مبدئية وضجة وجدل متكرر حول عدد من القضايا التي تناولتها الصحف وجد الشعور بالحاجة لتطوير واقع القضاء؛ كقضايا كفاءة النسب على خلفية قبلية عنصرية، وبعد مرور سنة على تدشين هذا المشروع الحيوي، لا ترى بوادر لتحقق التطورات المأمولة كواقع ملموس، والسؤال لماذا؟ هناك مبدأ عام يمكن وصفه بالزخم الموصل إلى نقطة التحول، والمكون الأساسي في تحقيق هذا الزخم المناسب للدفع باتجاه التحول المطلوب بالسرعة المطلوبة هو دائما يعتمد على زخم وعي الرأي العام والإعلام، ولهذه الغاية يبدو النقل التلفزيوني المباشر عبر قناة فضائية قضائية متخصصة وسيلة مناسبة لتشخيص الواقع القضائي من جهة، ومن جهة أخرى يبدو من أنماط القضايا التي يلجأ بسببها الناس للقضاء وجود جهل واسع لدى عموم الناس بالإجراءات الضامنة للحقوق والأحكام المتوقعة في المخالفات المختلفة، وهذا يظهر ضرورة حصول توعية عامة بالثقافة القضائية، وهاتان الغايتان جعلتا من علنية الجلسات هي الأصل إلا في حالات خاصة تستدعي الخصوصية وهذا المبدأ أساسي في جميع الأنظمة القضائية في العالم وفي النظام القضائي السعودي أيضا، فالمادة 155 من نظام الإجراءات الجزئية تقضي بأن الأصل علنية الجلسات إلا في حالات استثنائية، لكن وخلافا حتى لرغبة المتقاضين يصر غالب القضاة على سرية الجلسات، كما وللمفارقة الغريبة لا يحق للمفتش القضائي حضور الجلسات مع القضاة، ويرفض القضاة حضور مراقبين لأغراض إعلامية وبحثية رغم موافقة أصحاب الشأن، مع العلم أن مبدأ العلنية والشفافية يعتبران من المعايير الأساسية، التي يتم تقييم النظام القضائي وفقها، ولهذا العديد من دول العالم لديها فوق قاعات المحاكم المفتوحة قنوات مخصصة لنقل المحاكمات مباشرة من المحاكم، وهناك فارق بين علنية القضاء التي تساعد على المزيد من الوعي لدى الطرفين طرف الجهات المعنية بالقضاء وطرف الجمهور وبين مبدأ تحويل المحاكمات لنوع من مسلسل الإثارة الذي قد يمكن التخوف من أن يؤدي للتأثير على طبيعة الأحكام، لكن وطالما أن النصوص التي يبنى عليها الحكم واضحة والبينة قائمة فليس هناك مجال لأن يؤثر النقل التلفزيوني للمحاكمات على عدالة الأحكام، الأثر الوحيد الذي يمكن أن يحدث هو الأثر الذي يحدث عندما يقف الإنسان أمام المرآة، والإعلام المحايد متمثلا في النقل التلفزيوني هو تلك المرآة التي ستساعد المعنيين والباحثين والمراقبين وحتى عموم الناس على تنمية وعيهم حول الواقع القضائي، حيث عادة ما تقوم البرامج والقنوات المخصصة لنقل وتغطية المحاكمات القضائية باستضافة أهل الاختصاص للتحليل والتعليق، وهذا أدى لرفع الثقافة القانونية بين عموم الناس في تلك الدول، وإيجاد الشعور لدى الجهات القضائية بأن أحكامهم موضع متابعة وبحث وتمحيص علني من قبل مختصين مطلعين على أحكامهم يؤدي لرفع مستواهم، وهذه هي روعة مبدأ المراقبة والمحاسبة، فهو حافز على المزيد من الوعي بالذات والتجويد في الأداء. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة