باشرت وزارة التجارة والصناعة التحقيق مع متلاعبين بأسعار الحديد وآخرين عمدوا إلى إخفائه في المزارع بعيدا عن المستودعات المسجلة رسميا، فيما ينتظر أن تنتهي هذه التحقيقات بعقوبات رادعة ومعلنة. وكشف ل «عكاظ» وكيل وزارة التجارة والصناعة المساعد لشؤون المستهلك صالح الخليل عن التحقيق مع متلاعبين بأسعار الحديد، بعد أن تم ضبط عدد من المخالفين من محال بيع الحديد في مدن المملكة ومحافظاتها، الذين امتنع البعض منهم عن بيع الحديد، والبعض الآخر رفع الأسعار عما هي مقررة في بيان الأسعار. وبين خليل أنه سيتم اتخاذ الإجراءات النظامية بشأن المتلاعبين في الأسعار، والممتنعين عن البيع. وجاءت هذه الضبطيات خلال الحملات التفتيشية التي باشرها مراقبو الوزارة وفروعها أمس في مختلف مناطق المملكة، تنفيذا لقرار وزير التجارة والصناعة عبدالله زينل بفرض عقوبات رادعة على الممتنعين عن بيع الحديد أو الذين يرفعون أسعاره. وفي شأن متصل، كشفت ل «عكاظ» أيضا مصادر عاملة في نقاط رئيسة لبيع حديد التسليح في مدينة جدة أن بعض الموزعين المعتمدين لبيع الحديد اتجهوا إلى تخزين كميات كبيرة من الحديد في مزارع خاصة لهم، خارج النطاق العمراني لبيعها في السوق السوداء بعيدا عن أعين الرقابة. وقالوا إن أصحاب المستودعات يقومون بتفريغ حمولات الحديد الواردة من المصانع إلى داخل المستودعات الرئيسة لهم، وبعد ذلك يتم سحب كميات كبيرة منها ونقلها إلى المزارع، لتكون بعيدا عن أعين المستهلكين ومراقبي وزارة التجارة وشركة سابك. وأضافت المصادر أن هذه الممارسات تهدف إلى تعطيش السوق وخلق أزمة فيه، ما يسهم في رفع الأسعار بشكل كبير. وأشاروا إلى أن خلق أزمة حديد حاليا أو توقف البيع في ظل الطلب المتزايد، الذى تشهده جدة سوف يهيئ المجال لنشوء سوق سوداء تمارس فيها عمليات البيع بأسعار خيالية ومبالغ فيها. وأشار إلى أن المقاولين والمستهلكين متذمرون من عدم تمكنهم من الحصول على الكميات التى يحتاجونها من الحديد، ويضطرون إلى تسجيل أسمائهم في قوائم الانتظار، التى تستغرق فترات طويلة. وطالبوا وزارة التجارة بضرورة تنفيذ وتفعيل القرارات الجديدة من غرامات وغيرها على كل من يتلاعب بسوق الحديد ويخلق أزمة. وقال المدير التنفيذي لشركة تمليك المحدودة المهندس زهير حمزة إن استمرار تلك الممارسات من جانب تجار الحديد في عدد من مناطق المملكة سوف يؤدي إلى إيقاف الحركة العمرانية، وستصاب بشلل بعد أن شهدت المملكة في الآونة الأخيرة انتعاشا عمرانيا سواء في المباني السكنية أو التجارية وغيرها. وأضاف أن ارتفاع أسعار الحديد، بشكل كبير ومفاجئ، يوقف العمل والبناء في كثير من المشاريع والمباني التى لازالت تحت الإنشاء وتحتاج إلى كميات كبيرة من الحديد بجميع المقاسات. ولفت إلى أن هذه الإرباكات والأزمات المفتعلة في سوق الحديد ومواد البناء تؤدي، بما لا يدع مجالا للشك، إلى خلق أزمة دون سبب. وأشار إلى أن نظام المنافسة يهدف إلى مكافحة الممارسات الاحتكارية التي تتم بفعل أو امتناع عن فعل أو التسبب في فعل يخل بالمنافسة المشروعة بقصد الاستغلال وزيادة السعر، مشيرا إلى أن النظام يهدف بشكل أساسي إلى حماية المنافسة العادلة، وتشجيعها ومكافحة الممارسات الاحتكارية التي تؤثر على المنافسة المشروعة. وفي ذات السياق، أشار رئيس لجنة التثمين العقاري في غرفة جدة عبدالله بن سعد الأحمري إلى أن ارتفاع أسعار الحديد في الوقت الحالي غير مقنع، وليس له مبررات حسب ما أشارت شركة سابك بأنه ليس هناك ما يستدعي رفع الأسعار بهذا الشكل الذي يلمسه الجميع. وأضاف أن هذه الأزمة، التى تثار بين فترة وأخرى في سوق مواد البناء، تخلق نوعا من القلق لدى المقاولين لأنهم سيضطرون إلى إيقاف العمل في المشاريع إلى حين وضوح الرؤية بالنسبة للأسعار. واعتبر الأحمري أن التلاعب في سوق الحديد بشكل دائم سوف يؤثر سلبيا على حركة البناء والتعمير في المملكة. وتوقع أن تشمل تلك الزيادة ارتفاعات أخرى في أسعار مواد البناء المكملة. وأشار إلى ضرورة تفعيل مجلس حماية المنافسة حتى يقوم بدوره الذي أسس من أجله ويشرف بشكل كامل على الأسواق ويتصدى لعمليات التلاعب والاحتكار التى تمارس في عدة سلع دون أن يكون هناك من يردعهم.