أوضح ل «عكاظ» أستاذ الفقه المساعد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور خالد عبد الله المزيني، أن اختلال الفتوى المعاصرة في بعض الصور لا يدل على فوضى بالمعنى المباشر كما يظن البعض، مشيرا إلى أننا رأينا صيغا جديدة لتأسيس الفتوى الجماعية التي تقوم بإصدار الفتاوى التوافقية والتشاورية وتتلمس أرشد الحلول للمشكلات المعاصرة، مطالبا بدعم القرارات الفقهية المجمعية ووضعها موضع التنفيذ، خاصة أن المجامع الفقهية استقطبت العديد من العلماء والخبراء وأهل الرأي في القضايا المبحوثة. وأكد المزيني أن اختلاف الفتوى أمر طبيعي ما دام محصورا في القضايا الاجتهادية، موضحا أن الشريعة لا تأذن بالخلاف في قطعيات الشريعة وما هو معلوم من الدين بالضرورة، أما مسائل الاجتهاد فيبقى الباب فيها متاحا للمؤهلين من الفقهاء للاجتهاد، داعيا غير المؤهل استفتاء من يثق بعلمه منهم، و«من قلد فقيها فقد أدى ما عليه». وفرق المزيني بين توحيد الفتوى وتوحيد العمل بالفتوى، مشيرا إلى أن توحيد الفتوى غير سائغ في النظر الشرعي؛ لأنه يفضي إلى تكبيل العقل الفقهي وقطع موارده، والاجتهادات الفردية إحدى الروافد المهمة للاجتهاد الجماعي، وأما توحيد العمل بالفتوى، بمعنى صدور الأنظمة والقوانين بالاستناد إلى رأي فقهي واحد، فهذا مطلوب ولا يمكن أن تنضبط أحوال الناس في بلد معين إلا بصدور أنظمة وقوانين موحدة، ولا بد لكل قانون من الاستناد إلى رأي واحد، فهذا من طبيعة الأشياء، لكن لا ينبغي في هذه الحال مصادرة الآراء الأخرى في المسألة ما دامت منتظمة في فلك الاجتهاد ولا تثير فتنة واضطرابا، فلكل فقيه الحق في إبداء رأيه الاجتهادي على الصعيد النظري. وقال الدكتور المزيني: الفتوى عمل شرعي، والأعمال الشرعية محكومة بأدلة الشريعة، وقد أفاض الفقهاء في بيان القواعد الحاكمة للعملية الإفتائية، وهي معروفة للمشتغلين بالفقه، وينشأ الخلل في هذا الباب حين يتجاوز الفقيه تلك القواعد أو يبالغ في أعمالها، وهناك عدد من المجامع الفقهية، منها الإقليمية ومنها العالمية، وكلها تتعاضد في تسديد الفتيا، وتتكامل في بناء النسيج الفقهي المعاصر.