تعاني بعض القنوات التلفزيونية من اختلال ثقافة بعض مقدمي البرامج واللقاءات التلفزيونية في إدارة هذه البرامج الجماهيرية التي تتلقى اتصالات هاتفية وتحاور شخصيات مرموقة وأهل معرفة وخبرة. يظهر هذا القصور في سوء إدارة وقت البرنامج، عدم اللباقة مع المتصلين، إظهار آرائهم الشخصية كتعليق على المواضيع المطروحة، سوء إعداد البرامج في الأساس، عدم إعطاء الشخصية التي استضافها المذيع الاحترام الذي يليق بها. لقد كنا نرى الجيل الأول من المذيعين ولم نلحظ مثل هذا القصور. فلم نكن نلحظ أن البرنامج يواجه مشكلة في الوقت بل كنا نشاهد البرنامج يسير بسلاسة دون أن يحسسنا المقدم أنه تبقى أمامه كذا من الدقائق. ويتناسى بعض المذيعين حاليا أن البرنامج وجد أصلا للجمهور فتجد بعضهم يستخف بالمتصل أو يوقف الكلام عنوة بدواعي الوقت. فضلا عن أن بعض المتصلين يجهل الثقافة العامة وإنما وجود الشخصية المستضافة هو الشيء الذي دعاه للاتصال لأنه لن يجد هذه الشخصية في أي وقت. المشكلة الأكبر قد نراها أحيانا في بعض المعلقين حين يستضيفون شخصية لها باع طويل في العلم. ونجد بعض المذيعين يحدث هذه الشخصيات كصديق له أو مقرب دون الالتزام بقواعد اللباقة والاحترام مع مثل هذه الشخصيات. كما يحزنني أن أجد بعض مقدمي البرامج يشرح وجهة نظره هو على ما قاله الضيف أو حتى تعقيبا على رأي الضيف. وينسى هذا المذيع أنه يجب أن يكون معظم وقت البرنامج للاستفادة من فكر وعلم الضيف. وأن يكون هذا المذيع حلقة الوصل بين الجمهور والضيف. كأن يسأل الضيف عن رأيه في نقطة لم يذكرها الضيف حتى يوفر معظم الآراء من الضيف التي قد يسأل عنها الجمهور. بحيث لا يتعدى دوره عن استنطاق وسؤال الضيف عن كل نواحي الموضوع المثار التي قد نسيها الضيف أو لم يتصل أحد للسؤال عنها. وأصبحنا نلحظ الكثير من مذيعينا يتفننون في إبراز فكرهم وآرائهم ويحاولون التعليق على كل شاردة وواردة وينسون دورهم الذي ينحصر في تقديم الضيف فقط دون التعليق على كلام الضيف. في المقابل أعجبني أحد مقدمي البرامج الحوارية لحسن إدارته للبرنامج وحسن إصغائه للضيف واستفساراته عن مالم يرد في الحلقة من النواحي التي كان ينبغي أن تذكر.. والمفاجأة أن هذا المذيع يحمل شهادة عليا تفوق أحيانا شهادة الضيف. كما أنه يوجد أيضا القليل من المذيعين البارزين مثل هذا المذيع.. أعتقد أن صناعة الإعلام المرئي والسمعي تحتاج منا حاليا إلى الاهتمام أكثر خصوصا في الجامعات وفي وزارة الثقافة والإعلام. قد ترى أن تعيد كليات الإعلام أو الآداب في جامعاتنا النظر في مناهج هذه الكليات وفي طريقة تدريب أو نقل المعرفة والثقافة الإعلامية. كما أن وزارة الثقافة والإعلام في ظل تطورها الملحوظ يمكن أن تعيد النظر في تأهيل المذيعين وتدريبهم ونقل الخبرات بين الأجيال وكذلك بين الخبرات الوطنية والعالمية. م. محمد بن إبراهيم الشريف