خبران وردا في يوم واحد يوم الثلاثاء الماضي بهذه الصحيفة، يثيران من التساؤلات والدهشة ما يجب أن يستوقفنا، أحدهما عن احتراق وثائق في أرشيف أمانة جدة عمرها 30 عاما تحوم الشبهات الجنائية حوله، حسب إفادة مدير الدفاع المدني في جدة العميد عبدالله الجداوي، الذي صرح ل «عكاظ» «أن المبنى المحترق، مخصص لحفظ الأوراق والمعاملات الورقية، النيران اندلعت في منتصف الموقع ما يعزز وجود شبهات في الحادث، رصدنا ثغرة في مكيف هواء في المبنى المحترق»، مضيفا، أن إدارته بعثت فريق تحقيق وتحر إلى الموقع، وتم رصد إشارات ومؤشرات عن شبهة جنائية في الحريق. أما الخبر الثاني، فعن 16 سجينا تم إطلاق سراحهم عن طريق الخطأ من سجن رنية، وما يستوقفك في هذه القضية تفاصيلها التي أوردتها «عكاظ»، التي أكدت فيها أن تفاصيل القضية، التي تعتبر الأولى من نوعها على مستوى السجون في المملكة، بدأت برسالة جوال تلقاها مدير عام السجون اللواء علي الحارثي من مواطن، وأشار فيها إلى الإفراج عن 16 سجينا ضمن عفو ملكي لا يشملهم، وأكد المواطن في رسالته للواء الحارثي تحمله المسؤولية كاملة لأية تبعات، في حال تأكيد أن دعواه كيدية، ما جعل اللواء الحارثي يحيل القضية إلى إمارة منطقة مكة المكرمة!!. ليس السؤال هو: كيف، ولماذا وقع الخطأ ؟ لأن الخطأ وارد في عمل المؤسسات، إلا أن السؤال هو: كيف ينتبه مواطن لهذا الخطأ الذي كان يمكن أن يستمر لسنوات دون أن تنتبه له إدارة السجون، وهي من أكثر المؤسسات حساسية ويفترض في عملها أقصى درجات الدقة؟!. وعلى كل حال، فإن ذلك يمكن أن يعطيك فكرة ومؤشرا واضحا على مستوى الشعور بالمسؤولية في بعض المؤسسات الحكومية. أما قضية احتراق وثائق المعاملات الورقية التي تعود إلى ما قبل عام 1400هجرية، وفي هذا الوقت بالذات حيث تعكف لجنة التحقيق والتقصي في أسباب كارثة السيول والأمطار في مدينة جدة في عملها، والذي يشمل ضمن ما يشمل التقصي عن جذور أسباب الكارثة والعودة إلى الوراء وفتح كافة الملفات القديمة وإعادة قراءتها مرة أخرى، في هذا الوقت بالذات ينشب الحريق، وأين؟ في الأرشيف تحديدا!، الأمر الذي أدى إلى إعدام العديد من الوثائق والمعاملات التي كان يمكن أن تكشف بما تحتويه من معلومات وحقائق، الكثير من الوقائع والأشخاص ممن لهم علاقة، بطريقة أو بأخرى، بهذه الكارثة، وبغيرها من مظاهر التشويه التي تلطخ وجه «العروس»، وتصنفها بين أكثر مدن المملكة تلوثا وخرابا، رغم الإمكانات الكبيرة والمخصصات المالية الهائلة التي ترصدها الدولة، والاهتمام الكبير الذي تحظى به من ولاة الأمر، باعتبارها مدخلا وبوابة رئيسية للأراضي السعودية وواجهة لها. لقد ظللت أردد، ولن أكف عن الإلحاح، بأن مشكلتنا الكبرى إنما تكمن في تغييب المؤسسية وغياب مبدأ المحاسبة والعقاب، ولا أدري ما الذي نخشاه إذا ما نحن كشفنا لأنفسنا وللعالم الفساد والمفسدين وأوقعنا العقاب على من يخون الأمانة العامة ويخون ثقة ولاة الأمر، حين يضعون بين يديه وعلى ذمته شؤون الخلق؟!. ألا ترفع هذه الشفافية من قدرنا بين العالمين؟!. * أكاديمي وكاتب سعودي www.binsabaan.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة