ما زالت بعض القطاعات تعتمد في تعاملاتها اليومية، على الأرشفة الورقية، في حفظ الوثائق والمعاملات ووضعها على أرفف خشبية أو حتى حديدية، ما يجعلها من وجهة نظر البعض، عرضة للحريق أو السرقة أو تكون في متناول أي شخص، إضافة إلى افتقاد أقسام الأرشفة إلى وسائل السلامة والحماية التي تحميها من أيدي العابثين، كما حدث لأرشيف بلدية العزيزية الفرعية في جدة، حيث شب حريق وطال المكان المخصص لحفظ المعاملات الورقية التي تعود إلى ما قبل 1400 ه، وأن النيران اندلعت في منتصف الموقع ما يعزز وجود شبهات في الحادث. وقبل نحو خمسة أعوام، حينما تعرض قسم المنح والأراضي في أمانة جدة لحريقين متتاليين في أقل من أسبوع، تضرر على إثرها الكثير من طلبات المواطنين، الذين تقدموا للحصول على منح أراض سكنية. قبل عشرة أشهر تعرض أرشيف الجوازات في ينبع لحريق، كما تعرض أرشيف تابع لمدرسة للبنات في العريجاء غرب منطقة الرياض لآخر، وقبل عام تقريبا تعرض الأرشيف التاريخي لمشرف التدريب في مكتب التربية والتعليم في محافظة رفحاء في عرعر أيضا لحريق. وأدى تواضع الأرشفة في بعض الدوائر، وتأخرها في تفعيل تعاملاتها إلكترونيا، إلى قلق المراجعين وتخوفهم من هدر أوقاتهم وضياع معاملاتهم وانتظارهم لأشهر ولسنوات، وهو ما يدلل عليه البعض في أن الأرشفة الورقية مستمرة. بداية يستغرب عائش العتيبي، الذي كان يراجع أمانة محافظة جدة، من أجل معاملة تخص مناقصة لمحال تجارية، تأخر الدوائر من أرشفة المعاملات عن طريق الحاسب الآلي، وإصرارها على استخدام الورق والملفات التي أتعبت المراجع من حملها وتصويرها لمرات عدة، وأضاف لا أعمم، لأن بعض الدوائر تسعى لإنجاز وتخفيف العبء عن المراجعين. وقال العتيبي: إن احتراق أرشيف بلدية العزيزية الفرعية في جدة، وما حدث للمعاملات محفوظة على الورق لأكثر من 30 عاما، هو لتغير منهج العمل وحفظ المستندات في أماكن يتوافر فيها وسائل السلامة، لأن المسألة بحاجة إلى إعادة نظر من جديد وتفعيل الحكومة الإلكترونية. ويتساءل أنس عبد الله قائلا: لماذا تصر مرافقنا على الأرشيف الورقي، المفروض أن تسير حسب التطور والزمن، حيث هنالك إدارات لا تدري أين التقنية في التعامل مع المعاملات، وببساطة أن المعاملة تدخل الحاسب الآلي إلكترونيا، فيه تخفيف على المراجع والموظف، وأضاف أتمنى من الإدارات الحكومية عند حفظها لمعاملات المواطنين أن يكون حفظها في أماكن مهيأة مع مراعاة وجود البديل ووسائل السلامة من ناحية مقاومتها للحريق واكتشافه، وخصوصا الأماكن التي تحفظ فيها الوثائق الرسمية. ويقول عبد الله المالكي، الذي جاء من محافظة أضم، من أجل متابعة معاملته التي أرسلت لأمانة جدة: بعد أن تعبت من المراجعات والاتصالات، أفادني الموظفون في بلدية أضم أن معاملتي أرسلت إلى أمانة جدة، وعلي الانتظار لحين إعادتها، انتظرت كثيرا، بعدها قررت المراجعة بنفسي لمتابعتها. ويضيف المالكي بالنسبة للأرشفة، ما زالوا يستخدمون الأرشفة الورقية، وأنادي بالأرشفة الإلكترونية، في جميع الدوائر الحكومية، لأنه طالما أن هنالك أوراقا فهي معرضة إما للعبث من قبل ضعاف النفوس أو تكون معرضة للحرق لأي سبب كان. أما وليد بن ماضي، والذي يراجع في معاملة تخص شقيقه، فيشير إلى أن الأمور قد تحسنت في الوقت الحالي وبدأ المسؤولون في مواقع مختلفة يعون أهمية الدور الملقى على عاتقهم، وأنه يجب أداء العمل بكل أمانة.. وفي الحقيقة لم أواجه أية مشكلة في إنهاء موضوعي.. غير أن التعامل بالورق ما زال موجودا وهو أمر طبيعي، لكن ما نتمناه حفظ مصالح الناس في أماكن يسهل الرجوع إليها عن طريق حفظها إلكترونيا في أماكن مهيأة بوسائل السلامة. عضو لجنة نقل الاتصالات وتقنية المعلومات في مجلس الشورى، الدكتور جبريل محمد العريشي، أشار في هذا الجانب إلى ضرورة الأرشفة الإلكترونية في جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية وهي حاجة ماسة لحفظ الوثائق الخاصة بالمراجعين، وأشار الدكتور العريشي إلى أن الدولة تدعم هذا الموضوع بشكل كبير، لا سيما مشروع «يسر» الذي يهدف إلى بناء دليل إلكتروني للاتصال بالجهات الحكومية ومراكز المعلومات التابعة، ونشرها إلكترونياً على «الإنترنت» من خلال موقع البرنامج، ونشر ذلك الدليل على أقراص ضوئية يسهل تداولها والبحث فيها، وأضاف.. أن هنالك جوانب رئيسة من أجل تفعيل الحكومة الإلكترونية في قطاعاتنا وهي تكمن في الدعم وهو موجود، ويبقى الدور الكبير على ثقافة المؤسسات نفسها والتي تتعامل مع هذا التغيير، لأن هنالك من مع هذا التغيير وهناك من هو ضد، وهذا نابع من الشخص من حيث التعود، ولكن يجب أن نواكب التغيير بتدريب المجتمع ودخول النظام بالشكل السليم في جميع المؤسسات الحكومية، أضف إلى ذلك التعامل مع المجتمع، فالذي يبحث عن معاملة ما يحتاج هو أيضا إلى تهيئة، من ناحية تثقيفه ومدى معرفته بالتعامل مع التقنية، مع الوضع بعين الاعتبار قضية تعويد المجتمع على الإنترنت وإتاحته بشكل جيد في الحدائق العامة وغيرها ويكون بشكل مقنن وهذا الموضع يمكن أن تتبناه هيئة المدن الصناعية. أجهزة متطورة تحلل المحروقات من جانبه أوضح المتحدث الرسمي في شرطة منطقة مكةالمكرمة، العقيد مسفر الجعيد، أن أي قضية تحال إلى الشرطة سواء كان جريمة سرقة في إحدى الدوائر الحكومية أو نشوب حريق فيها بعد وقوف الدفاع المدني على إخماد الحريق، فإن التعامل معها من قبل الشرطة يكون بكل جدية وحرفية، حيث إن الحرائق يتم تحويلها من الدفاع المدني، ومن ثم تتنقل لجنة من الأدلة الجنائية ومحققين التي تقف على مسرح الحادث بمشاركة الدفاع المدني، وتؤخذ أدق التفاصيل ويتم رفع البصمات والآثار والتحاليل عن طريق الأدلة الجنائية، حيث أن لدينا أجهزة متطورة وجديدة تحلل جميع الآثار التي تبين ما إذا هناك مواد بترولية أو محروقات، ويتم التحقق بعد الوقوف على الحادث والتحقق والتأكد من كل جوانب القضية. الأرشفة الإلكترونية في أمانة جدة من جهتها أنهت إدارة الأرشفة الإلكترونية في أمانة محافظة جدة أخيرا أرشفة 6477 تعميما، أصدرته الأمانة منذ عام 1410 ه، بهدف سرعة الوصول إليها عبر الموقع الداخلي. وأوضح مدير عام الاتصالات الإدارية والأرشفة الإلكترونية في الأمانة المهندس نعمان محمود عبد المانع أن أرشفة التعاميم برنامج ضمن مشروع متكامل لأتمتة أعمال إصدار وتوثيق وأرشفة تلك التعاميم من خلال الموقع الداخلي، مشيرا إلى أن هذا المشروع سيرسم آلية موحدة وواضحة لطريقة استلام وتعميم القرارات الخاصة بإدارات الأمانة باستخدام أحدث البرامج التقنية. وأضاف: انتهت الأمانة أخيرا من الأرشفة الإلكترونية لست إدارات بهدف عمل نسخ إلكترونية للمعاملات والوثائق والدراسات الموجودة في الأمانة تمهيدا للدخول في مرحلة الانتقال إلى منظومة الحكومة الإلكترونية، وهي الأراضي والتخطيط العمراني ورخص البناء و الدراسات والاستثمار والمشتريات والصادر العام، كما أنهت الأمانة أعمال الربط الإلكتروني للبلديات الفرعية بنظام الأرشفة الإلكترونية الشهر الماضي. وأضاف: إن الربط الجديد يقع ضمن الخطة المتكاملة التي وجه إليها معالي أمين جدة؛ للسعي إلى تقديم خدمات بلدية ذات جودة عالية من خلال البنى التحتية الفعالة القادرة على صنع التغيير والتي على أساسها بنيت الغاية من الأرشفة، حيث أسهمت في سرعة الوصول للمعلومة بشكل متكامل وأسرع. وأشار إلى أن الربط الإلكتروني الجديد للبلديات الفرعية سيمكنها من الوصول إلى أكثر من 2 مليون وثيقة إلكترونية مؤرشفة، إلى جانب أن الإدارة نفذت مجموعة من مشاريع وأعمال الأرشفة الورقية والإلكترونية، استهدفت العديد من الإدارات التي تحتوي على كميات كبيرة ومهمة من المعاملات والوثائق، حيث تمت أرشفة 7 ملايين وثيقة بين الورقية والإلكترونية خلال الثلاثة أعوام الماضية. وأفاد نعمان أن إدارة الأرشفة الإلكترونية تسعى إلى تنفيذ خطط عمل ومشاريع للقيام بأعمال تنظيم وأرشفة أكثر من 80 مليون وثيقة تمثل مخزون الأمانة وقطاعاتها من المعاملات والوثائق التي تتواجد في عدة مواقع مختلفة. وقال: إن الإدارة عمدت إلى وضع سياسة ودليل لإجراءات الأرشفة الورقية والإلكترونية في الأمانة، الأمر الذي سيتيح لجميع مسؤولي الأرشيف في الإدارات والبلديات القيام بأعمالهم بمستوى عال من التنظيم والدقة.