الانترنت مرشحة لنيل جائزة نوبل للسلام في سنة 2010، وسيكون التكريم إذا ما تم لثلاثة أشخاص يقال بأنهم من الرواد في هذ المجال وهم أمريكيان وبريطاني، ولا أستبعد أن تتم الاستعانة بهم في حالة الفوز طبعا للإشراف على كرسي من الكراسي العلمية المنتشرة في الجامعات السعودية، ولا يخفى بأن التقليد ومحاكاة الآخرين لعبت دورا رئيسيا في المسألة الأخيرة، ثم لا أدري كيف يمكن للانترنت أن تفوز بالجائزة، والمنتديات ومعها المواقع الشخصية على «الفيس بوك» وفي صيغ الإعلام الاجتماعي عموما، حافلة بالشتائم والاتهامات والانتقاص من الشخصيات العامة والمشاهير والدول وغيرهم، ويمكن أن نتوقع بناء عليه بأن «نوبل» قد تتجه في المستقبل إلى ترشيح الشخصيات الافتراضية لنيل جوائزها في الأبواب المختلفة. الكلام المذكور لم يأت من فراغ ولا يعبر عن موقف نظري أو شخصي، فالثورة التقنية وتحديدا الإنترنت غيرت من قواعد اللعبة الإعلامية، وفرضت شروطا صعبة على صناعة الإعلام بكامل تفاصيلها، والإعلام يمثل الطابور الأول في جبهة المواجهة وما يحدث فيه ينعكس إما سلبا أو إيجابا على كل شيء، ويحضر في ذهني هنا ما قاله البروفسور جيمس كيرن، أستاذ الإعلام والاتصال في كلية غولد سميث بجامعة لندن (1997) من أن الصحافة في صورتها المثالية وظيفة ديموقراطية تخدم المجتمع والصالح العام. والمشكلة، في رأيي، أن هذه النظرة الجميلة لا تنسجم دائما مع التطبيق العملي، وبالتأكيد معظم الصحافيين لا يقبلون تهمة التعامل مع المادة الإعلامية بمنطق السلعة، ولكنهم في الحقيقة يمارسون هذا التصرف في أعمالهم اليومية، وفي حكمهم على بعض المواد وقيمتها الإخبارية بالذات وأن الصحافة في شكلها «المدجتل» تحولت إلى تجارة ولم تعد مهنة نبيلة ومحترمة مثلما كانت، بل وصارت مفتوحة للجميع بدون قيد أو شرط، ومواقع الأخبار الالكترونية على الأنترنت، ربما استفادت جماهيريا واقتصاديا من مشاركارت الزوار، إلا أن الاستفادة ليست مؤكدة، ولعل الاستثمار في الأخبار وكتاب الرأي والقيام بعملية مدروسة لتسويقها أو تسويقهم، يعطي وجها من وجوه المتاجرة بالمادة الإعلامية لاستمالة القارئ والمعلن معا، والمعنى أنها قابلة جدا للفبركة بمعرفة طاقم التحرير أو الإشراف في الموقع الخاص بالجريدة أو المحطة أو أحيانا بمباركة كاتب الخبر أو الرأي نفسه. صحافة المحتوى المفتوح كما يسميها مارك ديوز (2001) تحتال على الناس وتستفيد منهم في توفير خدمات صحافية بالمجان، وبعض المواقع الإعلامية ترسم لنفسها خطا وبصمة في التحرير وفي الموضوعات وفي التعليقات، وتأخذ بما يطلقون عليه في الإنجليزية «براندنغ» وبأسلوب يضمن رفع أرقام الزيارات لمساحتها الالكترونية، ومن أبرز وسائل الجذب المدونات الالكترونية، وفي بريطانيا هناك مدونات في مواقع جريدة «التلغراف» و «الغارديان» تحوي أخبارا وصورا وتعليقات على الأحداث البريطانية والعالمية بأقلام الزوار، والفائدة مشتركة، فالإصدار الالكتروني يكسب قارئا إضافيا يحرص على زيارته بانتظام، والقارئ يستفيد من جماهيرية الموقع في التعريف بإنتاجه وأفكاره، وإذا كان القارىء صاحب شعبية في مواقع الإعلام الاجتماعي، فالأرجح أن متابعيه سيلاحقون تدوينه أينما وجد، ما يعني أنه قد يضاعف الأرباح ونسب الإقبال الجماهيري، وأهل التجربة والخبرة في أمريكا يرون بأن هذه النسب مؤشر مهم في فشل أو نجاح أي موقع إعلامي، ولا أعرف لماذا لا يستفيد الإعلام العربي الصادر بالإنجليزية من «ياهو» و «غوغل» في تسويق أخباره الالكترونية، مثلما تفعل الإصدارات ومحطات التلفزيون الغربية، خصوصا أن الإعلام اليوم لا يصنع الخبر وإنما يبحث عن الأخبار المقروءة والمربحة ويبني عليها، والظاهرة تعرف إعلاميا باسم «باندواغن ايفكت». المجتمعات حول العالم أصبحت افتراضية أكثر منها واقعية، والرأي العام في الدول الغربية أو الشرقية لم يعد لغزا محيرا في زمن الديجتال أو «الديجتاليزيشن»، بعدما توفرت فرصة كانت مفقودة للمشاركة والتفاعل الحقيقي، نسبيا، مع الأحداث والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وحسب علمي لا توجد مدونات في النسخ الالكترونية للصحافة السعودية المطبوعة، رغم أنها ترفع من ولاء القراء وارتباطهم العاطفي والنفسي بالجريدة، وحاولت أن أبحث عن تفسير مقنع للغياب ولم أجد بصراحة..! binsaudb@ yahoo.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة