قرأت في «عكاظ» ما سرده الأخ الدكتور عبد الله باسلامة ضمن حوار الأسبوع، وما لفت إعجابي هو عنوانه الكبير «ما زال الثور يحرث.. وحظي من الحياة أني يتيم», وعرفت لأول مرة أن الدكتور عاش حياته يتيم الأب، ولكن الله وهبه أمه الصابرة التي تولت تربيته وكافحت وحرثت حتى أصبح الدكتور عبد الله من عمالقة أطبائنا، فقد سخر الله للدكتور جنودا من أهل الخير كان في مقدمتهم الملك عبد العزيز (طيب الله ثراه). ففقدان الطفل لأمه أو لأبيه معاناة نفسية فالوالدان هما مصدر الحماية والحنان، فمن الوالدين يكتسب الطفل هويته وقيمته كما يكتسب الإحساس بالأمان والثقة وتتهذب مشاعره وتنمو ويعرف معنى الحب والصدق والعطاء ويعرف الطفل من والده كيف يصبح رجلا وتعرف الطفلة من والدتها كيف تصبح امرأة. افتقار التوجيه السليم للطفل في حالة فقده أحد والديه قد يؤدي إلى طائفة متنوعة من الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والانحراف السلوكي واضطراب الشخصية والعدوانية، وإذا كان من الصعب أن نمنع حالة التيتم، فإننا نستطيع تعويضها ودعم شخصية اليتيم للوصول إلى قدر كاف من التكيف النفسي والاجتماعي والسيطرة على مشاعر النقص عنده ودفعه للنجاح وللنمو الإيجابي. الأم أو الأب لوحدهما يستطيعان التغلب على ما تفتقده الذرية في غياب أحدهما، ومن الأدلة والدة الدكتور عبد الله (يرحمها الله) ونجحت، أما عنوان الموضوع فهو أن هناك دليلا آخر على أن الأب يستطيع لوحده أن يقوم مقام الأم، فكاتب هذه السطور افتقد أمه في ولادتها له فعاش يتيم الأم، ولكن الله يأخذ ويعوض فأخذ أمي (يرحمها الله)، ولكن سخر لي أبي وأهل أمي آل الزواوي السيدة الفاضلة نقية، وأخاها السيد هاشم يوسف الزواوي ووالدتهما السيدة أمينة العجمي (يرحمهم الله)، وحرم السيد هاشم السيدة فاطمة ملياني الذين أعطوا عبد العزيز ما لم يعطه أحد ليتيم فقد سخر الله لعبد العزيز جنودا من الخير مثل ما سخر لعبد الله. فظل الثور عبد العزيز يحرث فحصد بأمر الله ثم بفضل أبيه وأهل أمه، فكان حسنين وباسلامة يتيمين واحدا يتيم الأم والثاني يتيم الأب. وقد أمرنا الله في كتابه ببر الوالدين وذوي القربى والإحسان لليتامى فجاء في قوله تعالى: «وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا»، وقوله : «وآت ذا القربى حقه».. اليتيم هو ذلك الذي فقد حنان والديه أحدهما أو كلاهما، فقد الأم تلك الحنونة العطوفة، أو فقد ذلك الأب الذي يخاف عليه ويصرف عليه ويخطط لمستقبله، فاليتيم هو من فقد أحد أعز اثنين في حياته، حرم من أجر البر بأحدهما لا لأنه عاق بل لأنه لم يصل إلى العمر الذي يبرهما فيه، فما بالك بالذرية التي تحظى بوجود وحياة والديها وتكبر وتبلغ العمر الذي يجب أن تبر كلاهما ويفوتها هذا الكنز فتخسر بأن تكون عاقة لأحدهما فلا تربح لا الدنيا ولا الآخرة فلا تحرث ولا تحصد. فالحمد لله الذي من على عبد الله باسلامة وعبد العزيز حسنين بأمه أو أبيه فحرث الثوران وبرا بهما ولم يقولا لهما أف ورحمهما الله كما ربيانهما صغيرين، فحصد حسنين وباسلامة اليتيمان وكسبا الدنيا والآخرة إن شاء الله. * استشاري الباطنية والسكري ( فاكس: 6079343 )