يتضمن نظام مزاولة المهن الصحية، المنشور في العدد (4079) من صحيفة «أم القرى»، الصادر يوم 13 ذي الحجة 1426ه فصولا ومواد تتعلق بشروط التسجيل والترخيص، إضافة إلى تفصيل «المحظورات» مثل: عدم طلب الممارس الصحي عمولة، أو مكافأة، أو قبولها، أو الحصول على منفعة لقاء الالتزام بوصف أدوية معينة، وكذلك سرد «الواجبات» المختلفة ومنها: «الموافقة على الاستعانة بممارس صحي آخر، إذا طلب المريض أو ذووه، وتنبيه المريض أو ذويه إلى ضرورة اتباع ما يحدده لهم من تعليمات، وتحذيرهم من خطورة النتائج التي تترتب على عدم مراعاتها، بعد شرح الوضع العلاجي أو الجراحي وآثاره». كما يشتمل النظام المؤلف من (44) مادة، مدرجة تحت خمسة فصول على: ضبط وتنظيم الممارسات الصحية، وتحديد المسؤوليات «المدنية»، و «الجزائية»، و «التأديبية» للممارس الصحي، وتفصيل «المخالفات» و «العقوبات» و «الغرامات» الواقعة عليه، إضافة إلى إجراءات «التحقيق»، و«المحاكمة»، وتكوين الهيئة الصحية «الشرعية»، للبت في «الأخطاء المهنية». إنني على يقين بأن فصول هذا النظام ومواده، تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، وتعزيز أداء الواجبات الوظيفية دون تقصير أو إهمال، إلا أنني أود الإشارة إلى المادة (41) ونصها: «يكون الاشتراك في التأمين التعاوني، ضد الأخطاء المهنية الطبية، إلزاميا على جميع الأطباء، وأطباء الأسنان العاملين في المؤسسات الصحية العامة والخاصة، وتضمن هذه المؤسسات والمنشآت، سداد التعويضات التي يصدر بها حكم نهائي على تابعيها، إذا لم تتوافر تغطية تأمينية، أو لم تكف، ولها حق الرجوع على المحكوم عليه فيما دفعته عنه». وبالرجوع إلى اللائحة التنفيذية للنظام، الصادرة بقرار معالي وزير الصحة ذي الرقم (39644/1/12) والتاريخ 14 جمادى الأولى 1427ه، لاحظت عدم تقيد معظم الممارسين الصحيين، بمادة إبرامهم وثيقة تأمين ضد أخطاء مزاولة المهنة بشكل «إلزامي» كما نص النظام، فضلا عن أن المؤسسات الصحية العامة، والخاصة، والهيئة السعودية للتخصصات الصحية، لا تشترط تقديم وثيقة تأمين عند التوظيف، أو عند إصدار رخصة مزاولة المهنة أو تجديدها، مع أن نص المادة (41/4 ل) يقول: «يجب على الجهة ذات العلاقة اتخاذ الإجراء الكفيل بالتزام الطبيب أو طبيب الأسنان بالاشتراك في التأمين التعاوني ضد الأخطاء الطبية المهنية». وفي السياق نفسه، لا يعلم معظم الممارسين الصحيين، مدى ضمان المؤسسات الصحية، التمثيل القضائي، أو التعويض المادي والمعنوي لهم في حال الادعاء عليهم، كما لا توجد آلية مهنية واضحة، تضمن للطبيب حماية أدبية من: التشهير الإعلامي، أو إساءة السمعة، نتيجة مضاعفات إجراء تشخيصي، أو علاجي، أو وقوعه في خطأ طبي. فإذا كانت المادة (41) دخلت فعلا موضع التنفيذ، فهي تحتاج - من وجهة نظري - إلى توضيح مفهومها، وآلية تنفيذها الإدارية لجميع الممارسين الصحيين، وتفعيلها عمليا في أسرع وقت، من منطلق الحرص المعهود من المسؤولين، على استقرار الأوضاع الوظيفية لمنتسبيهم، والحفاظ على مقدراتهم وسمعتهم، وتقديرا منهم للكوادر الصحية، أما إذا لم يتم تفعيل المادة (41)، فالمؤمل أن يسرع المسؤولون الصحيون إلى تفعيلها، وتدارك هذا الخلل في تنفيذ إحدى المواد الأساسية في النظام الصحي. * استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم بجدة [email protected]