العنوسة قضية كثر الحديث عنها وظاهرة لا زالت تتفشى وتزداد نسبتها في مجتمعاتنا يوما بعد يوم، ونحن لا نحرك ساكنا سوى تسجيل الأرقام المتزايدة فأحببت هنا أن أوضح أهم مسبباتها من باب العلم بالشيء ليس إلا فالطبيب الناجح لا يحتاج أكثر من معرفة مسببات المرض للقضاء عليه، وكما يقولون إذا عرف السبب بطل العجب وهذه أهم الأسباب من وجهة نظري: البطالة تلعب دورا أساسيا في عزوف الشباب عن الزواج لعدم توفر المادة والدخل اللازمين لإتمام الزواج واستمراريته مع البيت و الأسرة. عجز النساء وهو منعها من الزواج من قبل ولي أمرها بحجة التمسك بالعادات كون الزوج خارج العائلة أو رغبة في مرتبها إذا كانت موظفة أو لتدخل النساء في أمور الزواج، وهنا تقع المسؤولية على والد الفتاة وهنا أذكره بقول الرسول صلى الله عليه و سلم: ( إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه إن لم تفعلوا تكن فتنة .... الحديث). غلاء المهور وجعله مفخرة ومدعاة الحديث في المجالس، وهم بذلك يسنون سنة سيئة في المجتمع، إضافة إلى تحميل الزوج ما يرهق عاتقه ويزيد عليه التزاماته المادية مما يضطره إلى الدين مع العلم أن الدراسات الاجتماعية أثبتت أن غلاء المهور وتكاليف الزواج الباهظة وسقوط الزوج في نفق الديون يؤثر سلبيا على مصلحة الزوجين ودوام المحبة بين الزوجين مع العلم أن غلاء المهور لا يكمن في المهر نفسه وإنما في اشتراط كيفية الفرح ومكان إقامته وقضاء شهر العسل في بلد معين يعد مهر غير مقبوض للزوجة فيجب مراعاة ظروف المتقدم ومساعدته قدر الإمكان فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها ونحن البشر نكلف النفوس بما لا طاقة لها به. الدراسة والرغبة في إتمامها خصوصا من قبل الفتاة يؤخر من زواجها وأخص هنا طالبات الطب كون سنوات الدراسة في الطب طويلة وهنا تلجأ الفتاة إلى العزوف عن الزواج لحين إكمال الدراسة لتجد نفسها آنذاك وقطار الزواج خلفها وشبح العنوسة أمامها وأنا أرى أن الزواج لا يمكن أن يكون عائقا أمام الدراسة إذا توافر حسن التنسيق والتوجيه وأنا أرى أن الزواج يلعب دورا إيجابيا في الاستقرار النفسي والراحة الاجتماعية وهذه أهم متطلبات الدراسة الناجحة. مما يساعد على زيادة العنوسة هو رفض فكرة التعدد من قبل النساء ولا ضرر في ذلك طالما الزوج يمتلك القدرة المادية والنفسية والصحية وتحقيق مبدأ العدل والمساواة قدر الإمكان ولا يحق لزوجة أن تمنع زوجها من الزواج بأخرى مهما كانت الأسباب الواهية من وجهة نظرها فقدرة المرأة على الإنجاب وسلامتها صحيا لا يعطيها الحق في أن تقف عائقا أمام رغبة زوجها في التعدد فكلنا يعرف أن أعداد النساء تفوق أعداد الرجال بكثير، فلو افترضت أن كل رجل تزوج بواحدة ما هو مصير الأخريات؟ أرى أن تلعب المؤسسات الاجتماعية دورا أكبر في الحث والتشجيع المادي والمعنوي على التعدد، إضافة إلى أئمة المساجد في دور التوعية والنصح فكما للمرأة الحق في مهرها فإن للزوج كامل الحق في الزواج بأخرى. د. سعود الجهني جدة