لو افترضنا امرأة في الثمانين تزوجت فتى في العشرين (لم أقل صبيا في الثانية عشرة) مقابل إطلاق يده في ثروتها، وهي تدرك ذلك لكنها لا تمانع بغية الاستمتاع بشباب ذلك الفتى الوضاء، لو أن شيئا من هذا حدث حقا، ما هي ردود الفعل التي سيضج بها الناس تجاه سلوك تلك المرأة؟. ما يغلب على الظن، هو أن قذائف من التندر على (النساء) والتهكم على ضعف عقولهن واستسلامهن لغرائزهن وشهواتهن، ستتدفق كالسيل على الألسنة، وسيتخذ من تصرف تلك المرأة دليلا يستشهد به على بعد النساء عن الحكمة والرزانة وغيرها من صفات الانتقاص للعقل النسائي. لن يتحدث الناس عن خطأ تلك المرأة بعينها، وإنما سيتحدثون عن النساء عامة وسيشغلهم ذلك عن الحديث عن صاحبة التصرف نفسها. شيء شبيه بهذا الافتراض يحدث في المجتمع بين حين وآخر، ولكن بعد استبدال الرجل بالمرأة، والفتاة بالفتى، فمن وقت لآخر نفجع بخبر تزويج طفلة لشيخ مقابل استئثار الأب بالمقابل المادي، إلا أن ردود أفعال المجتمع لا تخرج لتهاجم جنس الرجال عامة، وإنما هي دائما تقتصر على مهاجمة من ارتضت نفسه الزواج من طفلة في سن حفيدته، ومن باع ضميره ليزوج ابنته من رجل في سن جدها. على الجانب الآخر، حين يتحدث الناس عن النجاح، فيذكرون فلانة أو فلانة من الناجحات في مجال من المجالات سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو العلمي أو الفكري أو غيره، يظهر من يجتهد في أن يحصر نجاح تلك المرأة فيها وحدها، ويعده حالة خاصة بها يصعب تعميمها أو تكرارها. أما حين يتحدث الناس عن نجاح فلان أو فلان، فسرعان ما يعلل ذلك بكونه أمرا طبيعيا ذا ارتباط بجيناته الذكورية. هذه هي ثقافة المجتمع، حين تخطئ المرأة ينسب الخطأ إلى جنس النساء عامة، وحين تصيب فإن فعل الصواب ينسب إليها وحدها، لتظهر من الاستثناءات النادرة. في حالة الرجل، فإنه حين يخطئ ينسب خطؤه إليه وحده، وحين يصيب يعمم صوابه على الرجال بأن ينسب إلى كونه رجلا!. إن أردنا الحق، فإن التصرف الذي يبدر من الإنسان رجلا كان أم امرأة، صوابا أو خطأ، هو في حقيقته لا يعبر سوى عن تكوين ذلك الشخص الذي قام به، فما يكون شخصياتنا عوامل كثيرة، بيولوجية نتوارثها عن آبائنا، وبينية نكتسبها من ثقافة مجتمعنا وأسرتنا، ونفسية هي محصلة التفاعل بين مكوناتنا البيولوجية وما نتلقاه من تربية في نشأتنا. لكن الناس يأبون إلا أن ينسبوا السلوك الجيد، إلى جنس الرجال والسيء إلى النساء. وكان الله في عون القوارير. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة