رغم بلوغه التسعين، إلا أن صالح عبشان الغامدي من أهالي قرية الصلاطين بشداء الأعلى، ما يزال شديد الاهتمام بمظهره، ومجالسة الشباب، ويحفظ العديد من القصائد لشعراء العرضة الجنوبية، جعلته يتمتع بشعبية كبيرة بين مجالسيه من مختلف الفئات العمرية. بدأ عبشان رحلة الحياة كموظف بريد عام 1395ه ينقل الرسائل والطرود البريدية من المخواة، ويصعد بها إلى جبل شداء الأعلى «يصل ارتفاعه حوالي 15كم» على أقدامه، حيث لا يوجد طريق للسيارات آنذاك، واستمر على هذا الحال 25 عاما، كان خلالها يحمل على رأسه كراسي المدرسة و«السبورات»، وأحيانا كان يستعين بالحمير، لإيصالها إلى المدرسة في شداء الأعلى، وأشداء زهران وسقاما. ويروي عن تجربته تلك فيما يشبه الذكريات، بقوله: جلست أعمل في البريد 25 عاما، كان راتبي الشهري 500 ريال، وطوال تلك الأعوام ظللت على نفس الراتب. ويضيف: كنا نوزع البريد بواقع مرتين في الأسبوع، بما في ذلك رواتب المعلمين والطلاب، حيث كنت أتولى نقل 40 ألف ريال، وإيصالها لمدير المدرسة. ويتذكر من تلك الأغراض الوجبات المدرسية التي كانت تصرف للطلاب من الحليب والبسكويت. ومن المواقف الطريفة يتذكر: زارني أحد المفتشين في القنفذة، وعندما صعدنا لجبل شداء الأعلى المعروف بعلوه الشاهق، حاول النزول من مكان صخري صعب عليه، فطلبت منه أن يغطي وجهه، وحملته على جنبي الأيمن، ونزلت به من أعلى الجبل من علو تلك الصخرة، وعندما وصلت به إلى الأسفل طلبت منه أن يكشف عن وجهه، ولما فعل لم يصدق نفسه، وقال لي «لو أن راتبي 200 ريال لن أقبل بهذه الوظيفة». ويستطرد عبشان في سرد هذه الرحلة: وفي عام 1395ه تم تعييني فراشا في مدرسة سقاما في المخواة وعملت فيها حوالي 55 عاما حتى تقاعدت، والحمد لله أنا بصحة جيدة وصرفت لي حقوقي وهي حوالي 130 ألف ريال، عل العكس من وظيفتي في البريد التي لم يصرفوا لي حقوقي عنها، رغم مدة خدمتي فيها التي استمرت 25عاما!.