كشف ل«عكاظ» مدير مستشفى الصحة النفسية في المدينةالمنورة الدكتور أحمد حافظ عن وجود 20 ألف مريض نفسيا في المدينةالمنورة، ولا يمكننا استيعابهم في المستشفى. وقال: إذا رغبنا في إدخال كل هؤلاء المرضى النفسيين إلى المستشفى، فهذا يتطلب توفير 20 ألف سرير لاستيعابهم. وردا على قضية احتجاز أسرة سعودية لابنها (مريض نفسيا) منذ ثلاثة أعوام في غرفة مغلقة بالسلاسل الحديدية، نتيجة رفض إدارة المستشفى استمرار تنويمه فيه قال الدكتور حافظ: إن المستشفى غير مسؤول عن أي مريض نفسيا تتخلى عنه أسرته، مشيرا إلى أن 50 في المائة من المرضى النفسيين المنومين في المستشفى ترفض أسرهم استقبالهم. وأوضح أن عمر البغدادي مريض مزمن معروف لديهم وسبق أن خضع للعلاج في مستشفى الصحة النفسية وتم تسليمه لأسرته، مضيفا «نحن غير مسؤولين عن أي مريض نفسي تتخلى عنه أسرته، ومسؤوليتنا تنحصر في المرضى الذين يتلقون العلاج داخل المستشفى». ورصدت «عكاظ» أمس أسرة تحتجز ابنها عمر منذ ثلاثة أعوام في غرفة مغلقة داخل منزل شعبي تملكه في أحد أزقة الحرة الشرقية. وتبرر أسرة عمر احتجازه بهذه الطريقة بأنه «يشكل خطرا على بقية أفرادها وجيران الأسرة، نتيجة مرضه الذي يعاني منه منذ 22 عاما، على خلفية فقدانه أحد أصدقائه المقربين في حادث سير». ويشير محمد (شقيق عمر) إلى أن أخاه دخل في حالة صمت لازمته طويلا إثر الحادث الذي وقع أمامه، وتردت حالته النفسية بشكل سيئ، ورغم دخوله مستشفيات خاصة وحكومية عديدة، إلا أنها لم تفلح في معالجته أو إخراجه من الحالة النفسية التي يعاني منها. ويفيد محمد أن عمر اعتدى على والده قبل أيام بضربه بحجر على رأسه كاد يودي بحياته واستدعى نقله إلى المستشفى وأجريت له عملية غرز للجرح الذي أحدثه في رأس أبيه، كما حاول عمر التهجم على والدته بضربها بأنبوبة الغاز لولا تدخل أشقائه، بالإضافة إلى شكاوى الجيران المتكررة ضد عمر، إذ خرج مرات عدة من منزله عاريا واعتدى خلالها على النساء والأطفال بالحجارة. وأشار محمد إلى أن الأطباء أبلغوه أن شقيقه عمر يتصرف تحت تأثير مضاعفات المرض النفسي الذي يسيطر على سلوكه وتصرفاته، مبينا أن أطباء الصحة النفسية أشاروا إلى أن عمر يعاني من حالة انفصام في الشخصية واكتئاب شديد. وأكد محمد، الذي يتولى يوميا مهمة تقديم الطعام والماء لشقيقه عبر نافذة حديدية للغرفة، أن عمر حاول الانتحار مرات عدة بطعن نفسه بسكين استدعت نقله إلى المستشفى على وجه السرعة وإنقاذه، كما أقدم أكثر من مرة على شرب النفط، دون أن يدرك ماذا يعمل. وفي ظل هذه الظروف التي يعاني منها عمر يقول شقيقه محمد: اكتفى المستشفى بعلاجه أياما قليلة، رغم حاجة عمر لعلاج طويل المدى يقلل من حدة مرضه النفسي، مشيرا إلى أن إدارة المستشفى أجبرت عمر على التوقيع بنفسه على خروجه من المستشفى، في ظل رفضنا استلامه ومطالبتنا الإبقاء عليه في المستشفى وعلاجه. وهو ما أكدته ل«عكاظ» والدة عمر بالقول: إن عمر الذي عمل في أحد البنوك وانتقل إلى شركة أسمنت في محافظة رابغ، كان يدخل مستشفى الصحة النفسية لأيام فقط ويعود إلى المنزل بسيارة المستشفى، حيث نتسلمه من الممرضين المرافقين له. وتشير الوالدة إلى أن حالة الهيجان لا تلبث أن تعود إلى عمر نتيجة المرض النفسي الذي يعاني منه منذ 22 عاما، ما دعانا لإعادته إلى المستشفى في شهر رمضان الماضي، ليكتفي الأطباء بإعطائه حقنة مهدئة، وإعادته للمنزل بعد ساعات، مطالبة المستشفى باحتواء ولدها ومعالجته بشكل جيد وطويل المدى. وطالب أهالي الحي في شكوى تقدموا بها إلى إمارة المنطقة بمعالجة عمر داخل المستشفى، كونه يعاني من مرض نفسي خطير ولديه سلوك عدواني يهدد أرواح وأعراض وممتلكات أهالي الحي، مشددين على ضرورة تدخل الإمارة لحل مأساة ابن حيهم، معبرين عن خشيتهم من عواقب الإبقاء على عمر بهذه الطريقة. ولم تقف معاناة عمر عند حدود جسده، إذ امتدت إلى أبنائه (أربع بنات وولدان)، حيث دخلت ابنته (17 عاما)، أخيرا في حالة نفسية سيئة متأثرة بمرض والدها، كما تعثر ابنه (20 عاما)، عن إكمال دراسته الجامعية لنفس السبب، في حين انفصلت زوجة عمر (معلمة) عنه قبل سنوات وآثرت التفرغ لتربية أطفالها منذ تردي حالة زوجها الصحية.