تشير الإحصاءات إلى أن الشعوب العربية من أقل شعوب العالم قراءة للكتاب. جالت في خاطري هذه المعلومة المؤسفة وأنا أتنقل بين أجنحة معرض الكتاب الدولي في القاهرة، وأرقب الإقبال الكبير على بعض الأجنحة لاقتناء آخر الإصدارات من دور النشر المشاركة. سألت نفسي يا ترى هل نحن نشتري الكتاب لمجرد الاقتناء، أم للقراءة ولو بعد حين. طرحت السؤال نفسه من خلال صفحتي في ال (فيس بوك)؛ وكانت المداخلات مختلفة، فالبعض يرى أنه لا يستطيع مقاومة شراء الكتب ولو لم يقرأها، وآخر قال شراء الكتب خير من تركها لما في ذلك من دعم لدور النشر والناشرين، وثالث أشار إلى أنه يشتري الكتاب ويبقى في مكتبته إلى العام المقبل، دون حراك، مبررا ذلك بأننا أمة لا تقرأ، واشتكى رابع من أنه يود أن يقرأ، ولكن لا وقت لديه لذلك، ورددت عليه بأن في وقتنا خيرا وبركة متى ما استثمرناه بالشكل الصحيح وأعدنا توزيع ساعات العمل والراحة. هناك من نسميهم (مدمني القراءة) وهؤلاء لا يندرجون تحت ما نحن بصدد الحديث عنه من معاناة من قلة القراءة التي تلعب دورا في ثقافة ورقي الشعوب. حب القراءة والمداومة عليها سمة لا تتشكل لدى الفرد في يوم وليلة وإنما هي نتاج تربية صالحة منذ الصغر وتوجيه سليم في مراحل الدراسة المختلفة، واهتمام وتنظيم وقت عند الكبر. قابلني في مكتبي أحد أعضاء هيئة التدريس السابقين في جامعة الملك سعود يطلب السماح له بإدخال بعض الكتب التي أحضرها من جمهورية مصر العربية. اعتقدت في بداية الأمر أن الموضوع يتعلق بأعداد محدودة من الكتب اشتراها من معرض الكتاب الدولي في القاهرة ولكني دهشت حين ذكر لي أن لديه أكثر من 1400 طرد تحوي آلاف الكتب، وازدادت دهشتي حين أخبرني أن هذه ليست سوى الدفعة الأولى من محتويات مكتبات شخصية قام بشرائها من ورثة بعض العلماء المصريين، وأن عدد محتوياتها يقدر بعشرات الآلاف وقيمتها بمئات الآلاف من الريالات. حمدت الله أنه لا يزال في بلادنا من يحفل بالكتاب ويسعى لاقتنائه والاستفادة منه، وتمنيت لو أن لدينا الكثير من هذا النموذج المثالي للمواطن المثقف المطلع الذي أكد لي أنه لا يفكر ولم يبع أي كتاب من مقتنياته، بل إنه سيخصص أرضا اشتراها لتكون مقرا لمكتبته الخاصة التي سيفتح أبوابها لمن أراد الاستفادة منها من رواد الفكر والمعرفة. معرض الرياض الدولي للكتاب أصبح على الأبواب، وكلنا شوق لافتتاحه والتنقل في جنباته من دار نشر لأخرى، ويحدونا الأمل في أن نشهد تظاهرة ثقافية كبيرة تتمثل في إقبال مشجع على اقتناء الكتاب، وقناعة تامة بأهمية قراءة ما نقتنيه، وهي فرصة لا تتاح للبعض سوى مرة كل عام. السعيد من استفاد منها وأضاف إلى مكتبته وفكره كل جديد في شتى العلوم والمعارف التي تستهويه. الكتاب الإلكتروني لا يزال يراوح السير في مكانه في عالمنا العربي، ولم ألحظ له تواجدا مميزا في معارض كتبنا فهل يعني هذا عدم قناعتنا به، أم أننا نحتاج وقتا أطول لنكيف أنفسنا مع هذا النمط المعرفي الجديد. المستقبل لا شك، سيشهد ازدياد دائرة انتشار الكتاب الإلكتروني وعلينا، خاصة دور النشر وموزعي الكتاب، أن نستعد لهذه المرحلة ونوفر لها البيئة التحتية الملائمة لنتمكن من مسايرة من سبقونا في هذا المجال ولعل معدلات القراءة تزداد لدينا أكثر مما هي عليه الآن. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 248 مسافة ثم الرسالة