الدكتورة فاطمة عبدالمحمود، امرأة من السودان منغمسة في العمل السياسي، شغلت منصب وزيرة الشؤون الاجتماعية ثم وزيرة للصحة، وزعيمة لحزب الاتحاد الاشتركي السوداني، وهي الآن مرشحة رسميا عن الحزب لرئاسة الدولة، وتعد نفسها حاليا لخضوع معركة الانتخابات السودانية المقبلة، لتقف على قمة الهرم السياسي في السودان. لبنى أحمد الحسين صحافية سودانية شابة، ذهبت في أحد الأيام مع بعض صديقاتها لتناول الطعام في أحد المطاعم السودانية وكانت ترتدي (بنطلون) تبدو أطرافه من تحت الثوب السوداني المنسدل من فوقه، فهجم عليها حراس الفضيلة واقتادوها بتهمة (خدش الحياء) بارتداء بنطلون تظهر أطرافه من تحت الثوب! وفي المحكمة صدر عليها الحكم بالسجن والجلد أربعين جلدة! ما الذي يفصل بين عصر فاطمة ولبنى؟ فاطمة تترشح للرئاسة عام 2010 ولبنى اقتيدت للجلد بتهمة ارتداء البنطلون عام 2009؟ هل السودان المجتمع العربي الوحيد الذي يحمل هذه الصورة المتناقضة للموقف من المرأة؟ بكل تأكيد لا، وألف لا، فعالمنا العربي مليء بالصور المتناقضة التي تعكس موقفه المتذبذب في التعامل مع النساء، وما يبدو هو أنه مكتوب علينا أن نعيش عصرا يكتظ بتناقضات طاغية فيما يتعلق بأوضاع المرأة في المجتمع، حتى ليخيل إلينا أحيانا، لفرط التناقض أننا في حلم لا يلامس الحقيقة البتة، ولا ينبئك عن فرط هذا التناقض شيء كهذه الوقائع التي تظهر علينا بين حين وآخر تجهر العين بما فيها من متضادات تبعث على السخرية والألم معا. في كل بلد عربي تجد عشرات الصور المليئة بالتناقض عند تناول شؤون المرأة، ففي بعض المجتمعات قد يبلغ التناقض منتهاه فتجد المرأة مخولة، في بعض الحالات، بإدارة مئات أو آلاف العاملين تحت رئاستها، لكنها محظور عليها استخراج جواز سفر خاص بها، أو مجرد دخول مؤسسة حكومية لمتابعة شؤونها بمفردها! هذا التناقض الذي نتحدث عنه، ليس المعنى به ما ينسب إلى الناس أو (الرأي العام)، من رؤى وأفكار ومفاهيم، ما نتحدث عنه هنا، هو هذا التناقض الذي يتجلى ظاهرا في الأنظمة الرسمية للمجتمعات، والتي غالبا تسير المجتمعات وفقها وتخضع لها، ففاطمة ما كان لها أن تفوز بترشيح الحزب لها لو لم يكن النظام الرسمي يجيز ذلك، ولبنى ما كان لها أن يحكم عليها بالجلد من أجل ارتداء بنطلون لو لم يكن في النظام الرسمي ما يخول المحكمة أن تحكم بذلك. هذا التناقض في الأنظمة، وليس ما ينسب إلى الناس، هو ما يهم، وما يجب العمل على الالتفات إليه وإصلاح ما فيه من خلل. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة