القلق والتوتر الذي نعيشه من مسبباته سرعة التغيير التنموي، وتبني أساليب حضارية تصدم التقاليد، وتغير رتابة الحياة المعتادة للحياة التقليدية بكل ما فيها من تشابكات وتداخلات، فبعض الناس تختل معاييره إزاء كل جديد، والمجتمعات التي لم تتعرض للحضارة، حتى من يعيشون خارج نطاق العمران، ومن هم قليلو الاحتكاك بمجريات الحياة المعاصرة، يتمتعون بسكون جميل، لا يعكر صفوه شيء، وإذا أردت اختبار ذلك فما عليك إلا زيارة صديقك الذي يعيش في البادية أو الريف، فستجد الأشياء أبطأ من المعتاد (والبال أوسع). المدنية سبب للقلق حتى وهي راكدة، فما بالك عندما تصدم الناس بتغيير تنموي لرفع نوعية الحياة، وبكل ما تفرضه التنمية المادية والبشرية للنهوض بالبنيات الأساسية التي تساعد الناس على الإنتاج، وتريحهم من عناء التعب البدني، وفي الغالب ينبري أناس تقليديون للاعتراض والرفض للمستجدات؛ لأنها في نظرهم مصدر للقلق المؤلم. رفض الجديد والقلق المصاحب للتغيير، شيء طبيعي في مثل التحولات التي تعيشها بلادنا، فمشاريع التنمية العملاقة تغير ركود الحياة، والمملكة تتجه لأن تكون دولة متحولة من نظام الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج، الذي يستلزم بنيات أساسية لمساعدة إنتاجية المجتمع واستمرارية النمو في المجالين المادي والبشري. نعم، الحضارة تقلقنا وتعكر صفونا، مؤقتا، وهذا القلق يزداد أضعافا مع التحولات؛ لأن القفز للتطور في فترة محدودة يأتي بألم مؤقت للأفراد والجماعات، ومن الضروري أن يتحمل الناس فترة التغيير المادي والمعنوي، لكي نصل إلى العصر بكل مقوماته. اليوم نمر بتغيير غير مسبوق في البنيات المادية، الثقافية، يصاحب ذلك احتجاج انفعالي؛ وهذا النقد الانفعالي للتغيير يجد أوعية صحافية لينشر، ومنه المقبول وغير المقبول والمتطرف، والمسألة برمتها إما محاولات للاحتفاظ بالحياة راكدة لا تطور فيها على مستوى الماديات والإنسانيات، أو لمجرد أننا قلقون مما يأتي، أو لأن لنا مصالح فردية نفقدها بالتغيير نحو الأفضل. وفي كل الأحوال، التطور العقلي يفرض وجوده على أرض الواقع، وفي الغالب يكون المنفعلون هم أول المرحبين بالتغيير؛ لأنه مهما فقدنا مراكز ومصالح نجنيها من الجمود، فسنحصل على أكثر منها، أفرادا وجماعات، والسبب أن الحياة لا تقف، وإن وقفت فتغير الأجيال يأتي بالجديد، ويغير الحياة. وأخيرا، فإننا كأفراد وجماعات قد نحس بالقلق وعدم التوازن لبعض الوقت جراء التغيير، لكننا سنحمد العاقبة بعد وضوح الرؤية. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة