ليس سرا أن لدينا تراجعا في مستوى وازع الأخلاق الذاتي، وصفة المروءة؛ وهو وازع كان عمود أخلاق مجتمعنا لقرون، وهذا التدني في الوازع الذاتي يظهر في سلوك فئة من مجتمعنا الشاب (المتنور والتقليدي وحتى بعض المتدينين) بسبب التحولات الحادة التي أتت من ظروف التنمية السريعة، مع انعدام عامل الردع الأخلاقي بسبب فقد الإحساس بالانتماء إلى المجتمع الضيق، ولقدوم كثيرين من الأرياف للمدن، أو تغير الريف بالتحضر إلى مدينة، حيث يفقد الناس صيغ التوازن لضعف الوصاية القبلية، أو وصاية المجتمع الضيق، ولا أستبعد الظروف الاقتصادية الخاصة لفئة من الشباب، حيث وجد نفسه في مجتمع استهلاكي لا يجعله يستطيع توفير مستلزماته للسكن والمعيشة، واقتناء بعض المستلزمات العصرية، وحالة تدني الدخل أو البطالة. ليس سرا أيضا أن بعض هؤلاء الشباب يحاولون تلبية حاجاتهم بأساليب مشروعة، وغير مشروعة في أحيان أخرى خارج الأخلاق الدينية مثل النشل، أو ترويج المحرمات، أو حتى الإساءة أثناء المرور والملاسنة، دون وازع ذاتي بخطر هذا التصرف من هذه الفئة الضائعة التي لا يمكن تعميمها، ولكن أبسط الأشياء مثل احترام الآخرين، وحقهم في المرور، وغير ذلك من السلوكيات يأتي أيضا بسبب عدم وجود وازع أخلاقي رادع، أو تواءم مع البيئة الاجتماعية. إعادة التوازن الأخلاقي لهذا المجتمع الشاب، لكي يكون لديه وازع ذاتي، هي أولوية تربوية وطنية اليوم حتى لا تتفاقم المشكلات الشبابية، وتخرج عن الحد القابل للعلاج. الحلول العقابية التي تلجأ لها بعض الجهات الضبطية ليست هي المقصود في هذا الطلب لترسيخ جانب الأخلاق والمروءة لدى الشباب، بل المطلوب هو حملات وطنية للأخلاق منظمة على أسس علمية نفسية، لها جانب نفعي لهم، وممولة بما يكفي لمحاربة تسرب بعض الأفكار السيئة للشاب التي تحوله إلى جشع استهلاكي يجعله يطلب المال بأية طريقة كانت، أو يعتدي على الآخرين، أو يلجأ للعبث بمظهره لمقاومة عجزه عن التميز، أو حتى الانحراف الفكري، والسقوط في محظور الفئات المتطرفة في أي طرف. أقول حملات وطنية للتوعية؛ لأني أعرف أن الشاب اليائس في حالة جاهزة لفعل يضر نفسه، ويضر مجتمعه، وهذه الحملات الوطنية للأخلاق يجب أن تصمم ببرامج لا تستبعد فئة من الفئات كما هي الأساليب الدعوية، بل تراعي الميول الشابة نحو الانطلاق، والتميز، والفرح، وتنمية مواهب التميز في الرياضة، والفنون، والموسيقى ليحقق الشاب والشابة ذاتهم بالتميز، بتقليل القيود العرفية عليهم في إطار ضبط أخلاقي يحترم التنوع الفكري لهم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة