رأى قاضي محكمة رأس تنورة أحمد الجعفري «أن المتتبع للحركة الأدبية لدى الفقهاء يلاحظ أن شعرهم يغلب عليه طابع الضعف، وصار يضرب به المثل في ذلك، فيسمى الشعر الضعيف (شعر فقيه)، إشارة إلى ضعف الخيال والعاطفة فيه». وقال الجعفري في محاضرته (شعر الفقهاء) التي دعا إليها نادي الشرقية الأدبي الأحد الماضي: «إن بعض الفقهاء قال شعرا ركيكا أساء فيه إلى الشعر، لأنه دخل في مجال غير مجاله»، مفسرا الأمر باعتماد الفقه على الدقة والدليل وليس الخيال والعاطفة. إلا أن الجعفري نفى أن يكون هذا الحكم على إطلاقه، مستشهدا بعدد من الأبيات والمقاطع لفقهاء تنم عن وجود الموهبة والقريحة الشعرية لديهم، كما هو الحال لدى الإمام الشافعي الذي كتب في الحكمة وغيرها من الأغراض الشعرية. وتطرق في محاضرته إلى خصائص شعر الفقهاء، كتأثر شعر الفقهاء بالصياغة اللغوية الفقهية، كما أن أغلب شعر الفقهاء هو مقاطع وأبيات قليلة تتحدث عن موضوع واحد، وليست قصائد طويلة كما في ديوان الشافعي. وجاءت محاضرة الجعفري التي قدم لها عضو النادي عبد العزيز آل سليمان، ضمن الأنشطة التي ينظمها النادي في مدن المنطقة المختلفة. واستهل الجعفري محاضرته بالقول: إن فكرة المحاضرة جاءت خلال اطلاعه على كتب طبقات الفقهاء، التي وجد فيها مقاطع من شعر الفقهاء أثناء مطالعته لسيرهم. معتبرا أن وثاقة صلة الفقهاء بالشعر بسبب قوة تأثير الشعر في النفوس، مستشهدا بالقصيدة الشهيرة (قل للمليحة في الخمار الأسود) التي عارضها عدد من الشعراء من بينهم فقهاء كالقاضي الحسن بن علي التنوخي. وختم الجعفري محاضرته بالتأكيد أن مسيرة الشعر مع الفقهاء مستمرة حتى العصر الحديث، الذي برز فيه من شعراء الفقهاء الدكتور مصطفى السباعي عميد كلية الفقه في دمشق، والشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، مفيدا أن هذه الأمثلة تشير إلى أصالة علاقة الفقهاء بالشعر، «إلا أن الفقه سرقهم من الشعر فظلت الصرامة والجدية السمة الغالبة على أشعارهم لكونهم أقرب إلى الدليل والبرهان منهم إلى الخيال والشعور، إلا أن هذا لا يعني أن الفقهاء بلا قلوب إلا إذا قبلنا أن الشعراء بلا عقول لكونهم أقرب للخيال والشعور».