في أمسية شعرية رائعة احتفل نادي الطائف الأدبي الثقافي الأسبوع الماضي بالشعر فالشعر من العلوم اللغوية التي تريح النفس وتخرج العقل من كمونه وركوده إلى خياله وفكره وتأديبه فالشعر عالم جميل ونبيل ورفيق يوقظ المشاعر والأحاسيس ويخاطب العقل ويداعب القلب ويهذب النفس ، والشعر في نادي الطائف الأدبي يترعرع ويخرج بقوة إلى الوجود حيث الجو الجميل والمشجع من رئيس وأعضاء النادي المشجعين للشعراء والباعثين فيهم الثقة بالثقة بالنفس والداعمين لهم حتى يبدعوا وخاصة من قائد الأمسية عضو مجلس ادارة النادي الأستاذ عطا الله الجعيد رئيس مكتب الوطن بالطائف والذي استطاع بذكائه وفطنته واقتناصه للكلمات والألفاظ وبراعته اللغوية في كيفية ادارة هذه المحاضرة بين الرجال والنساء والشعر والشعراء جعل الأمسية فائقة التألق شعرياً والتي نجح وتألق فيها كل من الشاعر أحمد التيهاني والشاعر عبدالله موسى والشاعرة ميادة زعزوع وقد استطاع الشعراء أن يظهروا قوة الشعر من خلال طبائعهم الانسانية فالقوة والسخرية وأزمة الشعر وأزمة الذات والاستنفار والوطنية ظهرت في شعر الرجال بينما ظهر في شعر النساء الرومانسية المتأصلة والعاطفية العريقة والأسرية الاجتماعية والنفسية التي استطاعت أن تهز المشاعر وتقترب من القلوب وتؤثر عليها ..فقط استطاع الشاعر التيهاني بشعره الناقد والمتمحص في جذور الحياة ومكوناتها الصلبة والحديدية والتي يصعب الدخول إليها مع دخوله بحياة اليأس والجذوع والخوف مما هو آتٍ إلى نصائح شعرية وارشادات حياتية مصاحبة بالأرق والأسى والعنف والموت ودور الدوائر رغم اجادته باللغة والحركات ويضم إلى ذلك اللعب بالمشاعر والدخول إلى القلوب وسرعته بالشعر وتركه الغير للفكر في مناقشة الأزمات ومعيشته هموم الوطن والانسان آملاً في مستقبل باهر ..أما الشاعر عبدالله موسى فقط استطاع دمج الشعر في تكوين الانسان وحياته متأثراً بالحياة الدينية والروحية والايمانية والخلقية وذلك من خلال التأملات وجعل القرآن الكريم مصدر إلهامهم الشعر والطبيعة البشرية مكملة لذلك مما دعا موسى إلى التأثر في شعره بالسخرية والعبث وأزمة الشعر بل أزمة الشعور داخل الأوطان واستنفار الارادة الإنسانية وعدم فاعليتها واهمالها والأكثر من ذلك أنه أنهى شعره بالمستحيل والوبال والنكبات وحياة القبور ومن هم أصحاب العزاء والمعزون فكل ما أتى به الرجال عكس ما جاءت به الشاعرة ميادة زعزوع حيث استطاعت التحدث ببراعة وثقة في النفس والدخول إلى جوف الشعر العاطفي وما فيه من معانٍ وشعور ومحبة وخلق وتواصل وإنسانية والقرب من الحبيب ودمجت بين الشعر الرومانسي والمتأصل بالكلاسيكي حتى أنها استطاعت جذب شعور وعقول الشعراء والحضور بالنادي فعكس شعرها العاطفي بعضاً من الحياة الأسرية والاجتماعية والتي أدخلت فيها الفلك والرجل والكف والفنجان والعرافة والشكوك والربط بالطموح والانتظار والحلم والتلاعب بالعاطفة الشعرية إلى أن عادت في النهاية كما يعود كثير من البشر في نهاية حياته ذكرتني بقصيدة الاطلال لابراهيم ناجي عندما قال في نهاية المطاف: ياحبيبي كل شيء بقضاء ما بأيدينا خلقنا تعساء ، فقد رجعت إلى الطبيعة الكونية والدينية فزان الشعراء النادي حتى أن الدكتور عالي القرشي عندما وجد كرسياً لم يجلس عليه أحد فناجى الكرسي بسبب تركه وعدم اكمال مسيرته في اسعاد بني البشر وعدم وجود من يشغله بعدة أبيات من الشعر الجميل حتى قال مدير الأمسية ليتني كنت مكان الكرسي حتى آخذ حقي من الشعر.