لا أنسى ما حييت أكثر المشاهد (بلطجية) في حياتي؛ حين تعاون شابان على عامل محطة بنزين وأذاقاه صنوف الكلام البذيء، والبذيء جدا ثم ختماها بضربه وسحبه على الأرض وتوعداه بأنهما سيجيدان تأديبه إذا «لم يكن تأدب في بلده». ولن أنسى تلك العبارات السيئة التي فتحها شاب آخر ذات يوم في وجه ممرضة في مستشفى عندما تأخرت لدقائق معدودة في إعطاء ابنته العلاج، سبّها وسخط عليها حتى ظننت أنه سيشمر عن ساعديه ويضربها أمام كل من في المستشفى، وكل ذلك لأنها تأخرت دقيقتين. وأنتم أيضا أعتقد أنكم تتذكرون حتما موقفا لطفل لم تنبت تحت أنفه سوى شعرتين يسميها (شنب الرجولة)، تحول في حضرتهما إلى مشروع غير محترم في وجه كل شيء؛ النساء وكبار السن والوافدين والأطفال. أتساءل كثيرا حين أرى مشاهد (البلطجة) والضرب تحدث أمامي كل يوم تقريبا، عن علوم احترام الناس وتقديرهم واختيار العبارات اللائقة في التحدث معهم التي نتعلمها منذ أن نبدأ في تجميع كلمتين والتحدث إلى الناس كأطفال. وأتساءل أكثر وأنا أرى مشاهد توبيخ الكبير للصغير عندما يعجز عن الإمساك بفنجان القهوة ودلتها في يديه أمام ضيف البيت: أين تذهب كل هذه الدروس إذا خرج هذا الصغير إلى الشارع. أتذكر كل هذا حين أنزل الشارع وأرى عجائب بذاءة الأخلاق واللسان واليدين تمارس بحق أبرياء ذنبهم أنهم استيقظوا وكانوا أول الوجوه في طريق من يريد أن يمارس رجولته وكبرياءه، فأين تذهب كل تلك الأطنان من دروس الأخلاق. حقيقة لا أعرف كيف نتعلم (البلطجة)؟ وكيف يتحول بعضنا إلى خطر يتربص ب(الوافد) والحجر والشجر كل يوم: يضربه لأتفه الأسباب، ويرفع صوته بكل بذيء حين يطلب خدمة من المسكين، وحين ينتهي من خدمته، يختمها ابن البلد بالشتم والسب ثم يغادر. أود يوما أن أملك الجراءة الكافية لأسأل أولئك الذين نراهم يرفعون أصواتهم في الأسواق والشوارع والمطاعم ويتهدد بالضرب كل من يتأخر في خدمتهم: ما هو شعوركم حين تكون كل أفعالكم وكلماتكم بذيئة ومنفلتة أمام الناس؟ وحين تكونون في قمة إحساس البلطجة؟ وهل الرجولة هي رفع الصوت على من لا نعرف وتوعده بالضرب و(التأديب)، إن كانت كذلك فأخبرونا لنعذركم. ما أكتب عنه هو ظاهرة الظواهر في الشارع السعودي والمطعم السعودي والسوق السعودية، حين يتحول الناس إلى ضارب ومضروب وشاتم ومشتوم، وذلك لأن أحد الطرفين ليس في مزاج معتدل، ولأن غضبه سريع وأخلاقه في (رأس أنفه)". أكتب متسائلا عن الأخلاق وعلوم الرجاجيل التي نتعلمها قبل أسمائنا: هل رآها أحدكم في طريق أولئك البلطجيين؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة