تثار من حين لآخر حاجة المرأة إلى محرم يرافقها كلما أرادت قضاء شأن من شؤونها، ورغم أن المحرم في الفقه الإسلامي ورد النص عليه في السفر الطويل الذي يستغرق يوما وليلة، إلا أن المجتهدين صاروا يعممون طلب ذلك المحرم (الظل) كي يرافق المرأة في كل حين، غير مبالين بما يسببه ذلك من عنت ومشقة للنساء اللاتي ليس لهن (محرم) متفرغ يتابع خطواتهن أينما اتجهن، فيصير ليس أمام المرأة سوى الاحتباس عن متابعة شؤونها وتعطيل قضاء مصالحها حتى يفرغ لها ذلك المحرم الموقر، ناهيك عما قد يطالبها به من عوض مادي أو غيره مقابل مرافقته لها. وإذا كان بعض الفقهاء أجازوا للمرأة السفر من غير محرم متى توافرت لها الرفقة الآمنة من النساء، فإن مجتهدي هذا العصر لا يخطر لهم شيء من ذلك على البال، ويظلون يطالبون المرأة بمحرم يصحبها في كل مكان، وإلا الويل لها إن ثبت عليها غير ذلك. جاء في الخبر المنشور يوم الخميس الماضي، أن المحكمة الجزئية في محافظة الرس أصدرت حكما بالسجن والجلد على امرأة اتهمت «بتقديم شكاوى ضد شخصيات وموظفين في دوائر حكومية ادعت عليهم بالإساءة إليها وظلمها، بالإضافة لاتهامها بمراجعة المحاكم والجهات المعنية في قضية زوجها (بدون محرم)». حين قرأت هذا الخبر، استعصى علي أن أتجاوزه مسرعة كما يحدث غالبا مع كثير من الأخبار، فقد أصابني الشك في صدق ما قرأت! ليس للحكم على المرأة بالسجن سنة ونصف وجلدها 300 جلدة في تهمة (قذف) حدها الشرعي 80 جلدة، فهذا شأن المحكمة، وقد يكون لديها من المبررات ما يجعلها لاتكتفي بالحد الشرعي. تشككي كان بسبب القول إن المرأة (متهمة) «بمراجعة المحكمة والجهات المعنية (بدون محرم)»! هذه العبارة هي ما جعلني أشكك في مدى الصدق في رواية الخبر، هل يمكن حقا أن ترد هذه العبارة في أوراق رسمية صادرة من محكمة شرعية؟ وعلى أي (فقه) اعتمد في توجيه هذه التهمة للمرأة؟ أي فقه هذا الذي ينص على عدم جواز مراجعة المرأة للمحكمة أو غيرها من دوائر الاختصاص إلا برفقة محرم؟ هل هناك نظام (مدني) يحظر على النساء مراجعة المحاكم دون محرم، اعتمد عليه في توجيه تلك التهمة إلى المرأة؟ وأي مادة من مواد النظام تتضمن ذلك الحظر؟ إن كان هناك حقا شيء من هذا، فإن العدل يقتضي إعلانه للنساء كي يحتطن لأنفسهن قبل الولوج إلى المحكمة للمطالبة بإنصافهن ممن آذاهن. أما إن لم يكن، فإننا أمام كارثة، أن يكون توجيه التهم إلى الناس وفق الفكر الخاص، والرؤية الشخصية. ماذا تفعل المرأة المضطرة حين لايكون لها محرم يرافقها في متابعة أوراقها؟ ماذا تفعل من تريد أن تشكو محرمها الذي يعضلها من الزواج، أو الذي يعتدي عليها بالضرب والإيذاء، أو أسوأ من ذلك، الذي يتحرش بها؟ هل نريد من هؤلاء أن يصبرن حتى يجدن محرما غيره يرافقهن للشكوى؟ وماذا يفعلن فيما لو رفض المحرم الآخر مرافقتهن تجنبا لإغضاب المشكو ضده؟ فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة