اطلعت على مقال الأخت عزيزة المانع المنشور على حلقتين يومي 14، 15 / 11 / 1430 ه في صحيفة «عكاظ» حول مدينتي شقراء وأشيقر تحت عنوان «حنين إلى الماضي» وحيث جاء المقال واضحا وصادقا بما حمله من إعجاب وأفكار وتوجيهات أحببت التعقيب عليه لتوضيح بعض الأفكار وتصحيح بعض المفاهيم حسب واقعها الاجتماعي إسهاما في رصيد الثقافة الشعبية التراثية والاجتماعية الموروثة. وسوف أوجز ذلك في عدة نقاط :- إن مجلس القهوة ليس حكرا على الرجال فقط بل تشارك المرأة الرجل في استقبال ضيوفها من النساء فيه وصمم بابه صغيرا لأنه مخصص لدخول الأفراد فقط وصمم باب الدار كبيرا ليسمح بدخول الأفراد والحيوانات الأليفة والأحمال ولم يخطر ببالهم التمييز بين الرجل والمرأة في ذلك، وما ذكره المرشد هو من باب تحميل الأفكار أكثر مما تحتمل من المعاني. أما دور الرجل في إعداد القهوة وتقديمها بنفسه فما ذلك إلا إمعان في تكريم الضيف والاحتفاء به وليس تدليلا للمرأة، فالمرأة لم تعرف الدلال في ظروف فرضتها الحياة القاسية بل هي مثال المرأة الكادحة تكدح طوال ساعات النهار من صلاة الفجر إلى وقت النوم جنبا إلى جنب مع الرجل تشاركه هموم الحياة، ومنهن من تضطلع بالنصيب الأكبر في الأعمال اليومية فهي شريكة حقيقية لحياة الرجل. وبخصوص حفظ الهيل والقهوة في مخزن الكمار المقفول خوفا من وصول أيدي المرأة المسرفة إلى ذلك، فقد تأكدت من مدى صحة هذه المقولة من أحد كبار السن المعاصرين فعرفت أنها تحدث من بعض الأشخاص وفي حالات خاصة لقلة ذات اليد أو لأي سبب آخر، وأنها ليست ظاهرة اجتماعية في أشيقر بل يمكن أن تحدث في أي مجتمع يوجد فيه الغني والفقير والكريم والبخيل والصالح والطالح وليس هناك مجال للخوف من الإسراف في بيئة تعيش على الكفاف بمفهوم وكدح رجالها ونسائها. وأحب في هذه الفقرة أن أشير إلى مدى اهتمام أهالي أشيقر بالضيف حيث أوقفوا له نصيبا في معظم الأملاك الزراعية في وقت هو الأحوج للعطاء ويمكن الاطلاع على ذلك في الوثائق الخاص به. وفيما يتعلق باهتمام أهل أشيقر بالمرأة وحقوقها واحترام مكانتها والثقة بها فيمكنني إيراد دليلين من أقدم وثائق البلدة فعلى سبيل المثال لا الحصر وصية صبيح 747 ه ورد فيها: «ويفرق منه ثلاثين صاعا على الأرامل اللاتي يستحين ويشتهين». وفي وصية صقر بن قطامي 940 ه ورد: «وجعل الوالي الناظر عليها زوجته مرهجة ولو بانت منه تخرج غلاتها على نظرها فيهم ولها غلة البديعة أجرة لها على النظر في ذلك ودفع الأملاك إليها». «وينفق منه كل عام أربعين صاعا تمرا يختص بها الأرامل في بيوتهن اللاتي يشتهين ويستحين».. وهذا وغيره الكثير من المواقف المشرفة تقديرا واحتراما وصونا للمرأة. عمر صالح الخراشي