كان مقال أمس يتحدث عن مدينتي شقراء وأشيقر، واليوم سنكمل الحديث عن وصف مدينة أشيقر القديمة. مما يميز هذه المدينة، تصميم بيوتها الطينية التي كان يلحق بها مجلس منفصل يستقبل فيه رب البيت زواره من الرجال يسمى (القهوة) وله باب صغير على الطريق العام بجوار باب البيت الكبير، ويسمى الباب الصغير الذي يدخل منه الرجال (باب القهوة) والباب الكبير الذي يدخل منه النساء يسمى (باب الدار)، وقد استغل الأستاذ حمد الضويان، الذي كان يقوم بالشرح التاريخي والتعريف بالمدينة، هذه التسميات فعلق على ذلك مفتخرا بأن ثقافة أشيقر لم يكن فيها مسميات (باب الحريم) و(باب الرجال) ولم تكن تجعل الباب الكبير لدخول الرجال والصغير للنساء، وأن ذلك كله يدل على أن أهل أشيقر كانوا لا يعرفون التمييز النوعي في ثقافتهم وأنهم كانوا (نسويين) من قبل ظهور الحركة النسوية!. في ذلك المجلس كان رب البيت يجلس مع زواره ويعد لهم القهوة بنفسه حيث كان إعداد القهوة مسؤولية الرجال، مرة أخرى يعلق على ذلك الأستاذ حمد الضويان بقوله: «إن المرة كانت معززة مكرمة، وكان الرجال حريصين على عدم زيادة أعباء النساء عند تكليفهن بإعداد القهوة لضيوفهم، لذلك كان الرجال هم الذين يعدونها بأنفسهم رأفة بنسائهم وتخفيفا عنهن أو تدليلا لهن، وهو ما يدل على رقة أهل أشيقر في تعاملهم مع المرأة». وقد صدقنا قوله وحسدنا بنات أشيقر على رجالهم، لكنا ما لبثنا أن أدركنا حقيقة التدليل الغائبة، فقد ذكر مرشدنا أثناء شرحه لكيفية إعداد القهوة بالمجلس، أن القهوة والهيل كانا يوضعان في مخزن صغير في المجلس قرب الوجار ويقفل عليهما رب البيت ويحتفظ بالمفتاح عنده خشية أن تصل إليهما أيدي النساء فيقضين عليهما بإسرافهن المعهود، وهنا أدركنا سر الرقة الأشيقرية، ففي ذلك الوقت كان الشح والغلاء في القهوة والهيل، يفرض على رجال أشيقر تولي إعداد القهوة بأنفسهم خشية أن تشاركهم نساؤهم في استهلاكها!. مما يستحق التحية والتقدير هو ذلك الجهد الذي يبذله أبناء المدينة المخلصون للمحافظة على شكل مدينتهم المسقوفة، تحيط بها بساتين النخيل وآبار الماء، فتنقلك في لحظات إلى عمق التاريخ، إلا أني وجدت مؤسفا أن تكون تلك البساتين مهملة لا تلقى من يعنى بها وكان حقها الإحياء لتضفي على المكان حياة وتزيل عنه وحشة الهجر، فضلا عن إمكان استغلال البساتين بعد إحيائها للتنزه أو قضاء عطلة نهاية الأسبوع فيها. وفي ظني أن هيئة السياحة يمكن أن تضيف بعض اللمسات التي تجعل المدينة جاذبة للسياحة كإنشاء مطاعم صغيرة أو مقاهٍ، ومثل تأثيث بعض البيوت بالطريقة القديمة التي كانت سائدة في الفترة التي بنيت فيها، وتأجيرها لقضاء ليلة أو ليلتين لمن أراد أن يعيش الحياة القديمة، فيجرب الشرب من الأزيار والنوم على الأرض والأكل على سفرة الخوص... إلخ، وأظنها ستكون تجربة مثيرة بالنسبة للشباب اللذين لم يخبروا مثل هذا النوع من الحياة. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة