كشف المحامي المترافع عن كبار موظفي الأموال في منطقة عسير يحيى الشهراني، أن مسؤولين ووجهاء متورطون في قضايا توظيف الأموال. وأوضح المحامي الشهراني في حوار مع «عكاظ» أن وسطاء نسقوا عملية الربط بين الوجهاء الذين حصلوا على هبات بالملايين وأصحاب المساهمات، مبينا أن لجنة تسوية المساهمات العقارية المتعثرة المنضوية تحت لواء إمارة المنطقة أغلقت ملفات 70 مستثمرا وفي طريقها لإنهاء قضايا ثلاثة من كبار موظفي الأموال. إلى تفاصيل الحوار: • هناك أكثر من 50 ألف مساهم ينتظرون موعدا محددا للتسوية مع موظف الأموال معجب الفرحان، فماذا تم في ذلك؟ يصعب تحديد موعد مؤكد للانتهاء من حل القضية، لكن يمكن القول إن الإجراءات تسير بشكل مناسب، رغم بعض الصعوبات التي تعترض أعمال اللجنة المكلفة؛ وهي الصعوبات التي يذللها دائما صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير. • هل الصعوبات مرتبطة بتغيير اللجنة السابقة؟ على العكس، فتغيير اللجان ظاهرة صحية إذا ثبت لدى الحاكم الإداري في المنطقة أنها لم تفلح في سبر أغوار القضية، والهدف من تشكيل اللجنة الجديدة هو التركيز على مكامن الخلل وهذا أمر إيجابي، وفي السابق -أي قبل عمل اللجنة الحالية، وهي الثالثة بالمناسبة- تمكن عدد كبير من موظفي الأموال والوسطاء من التصرف في كثير من الأموال ولم تتخذ إجراءات حازمة لإيقافهم. وما ذنب الوسطاء في إتلاف الأموال ودورهم ينحصر في عملية الاستلام والتسليم؟ الوسطاء -من وجهة نظري الشخصية- متورطون أكثر من موظفي الأموال؛ لأنهم الأداة التي تم بواسطتها الإيقاع بالمساهمين. • أنت تلقي باللائمة على المساهمين والوسطاء في ضياع المليارات، فماذا عن موظفي الأموال، أليسوا هم المذنبين في الأساس؟ الوسطاء هم من سهل الطريق، خاصة في ظل تورط بعض المسؤولين والوجهاء في الوساطة في قضية توظيف الأموال في منطقة عسير بعضهم بحسن نية والبعض الآخر لا نبرئهم من سوء النية. • عفوا، من تقصد بالضبط؟ اكتشفنا أثناء التحقيق أن أشخاصا ذوي مكانة اجتماعية لديهم مساهمات مالية منحها لهم بعض موظفي الأموال كمكافأة أو هبة وأخذوا مقابلها أرباحا مع أنهم لم يدفعوا ريالا واحدا، وبعيدا عن الدبلوماسية، فإن النظام يقول إنها ليست هبات بل رشاوى. •هل كل القضايا التي اكتشفتها اللجنة رشاوى فقط، أم هناك قضايا أخرى؟ وجدنا أيضا عمليات تزوير كبيرة جدا، فعلى سبيل المثال يودع شخص ما 100 ريال مثلا، ثم يقدم إيصالا مزورا بإيداع 100 ألف ريال، فيتم اعتماد المساهمة بالمبلغ من قبل بعض مكاتب موظفي الأموال ويأخذ المساهم عليها أرباحا حسب الإيصالات التي زورها؛ سواء بمفرده أو بالتعاون مع بعض موظفي البنوك. • وهل يمكن أن تكشف لنا عدد المتورطين من الوسطاء في قضية توظيف الأموال؟ حسب ما توصلت إليه اللجنة، فإن الذين ثبت تورطهم فعليا في تضليل 50 ألف مواطن يتجاوزون المئات، وعلى سبيل المثال في قضية معجب 75 وسيطا، ويرتبط بهم وسطاء عاديون يصلون إلى المئات، أما مجموع الوسطاء المباشرين لدى بقية موظفي الأموال فيصل إلى 200 وسيط. • ربما تتحدث عن حل قضايا صغار المستثمرين؛ فملفات الكبار الذين جمعوا المليارات ما زالت مفتوحة، أليس كذلك؟ لن أسمي لك أحدا من الكبار الذين يجري العمل على إغلاق ملفاتهم، لكني سأشير إلى أن 2 أو 3 من كبار موظفي الأموال في عسير ستتم تصفية حساباتهم ومساهماتهم وإغلاق ملفاتهم نهائيا خلال الأشهر القليلة المقبلة. • إلى أين وصلت عملية حصر أموال المساهمين، وما مدى دقتها؟ نحن الآن في المرحلة النهائية من عملية حصر أموال المساهمين لدى كافة مشغلي الأموال، ولكن بالنظر إلى الإيصالات التي اكتشف أنه تم تزويرها، فإنه لا يمكن تحديد مجموع مبالغ المساهمين إلا بعد انتهاء التدقيق المحاسبي. • وماذا عن حصر المبالغ لدى موظفي الأموال واستعادتها؟ حصر المساهمات لدى موظفي الأموال انتهت تقريبا، وتبقى الآن عملية استعادتها، وهي تخضع لاعتبارات عدة، خاصة أن جزءا من الأموال ما زالت الجهود تبذل لمعرفة مصيرها، فمثلا معجب الفرحان جمع 1.7 مليار ريال، أعاد منها 800 مليون للمساهمين كأرباح، وأي شخص استلم أكثر من رأس ماله سوف يطالب بإعادة الفرق، باعتبار أن الفرق من حقوق بقية المساهمين، إضافة إلى مبلغ 200 مليون دفعت كعمولات للوسطاء وسيطالبون بإعادتها أيضا كما أسلفت، ويتبقى في ذمة معجب 700 مليون يجري العمل على حصرها واستعادتها. • والباقي من الأموال ما مصيرها؟ الأموال المتبقية من المجموع الكلي للمبالغ التي جمعها معجب تم حصرها ويجري العمل على استعادتها؛ ومنها مبلغ 390 مليونا لدى شركة أم القرى، وصدر لمعجب الفرحان حكم بالاستحقاق المالي له في ذمة الشركة، إضافة إلى ما يقارب 70 مليونا صرفت في مخطط (الهيام)، و100 مليون وزعها بين هدايا وهبات. و100 مليون ريال في ذمة موظف الأموال الشهير عثمان الزبيدي و30 مليونا تم استصدار حكم قضائي باستحصالها من أحد المستثمرين في منطقة الرياض، وهو موقوف حاليا على ذمتها. • الحكم بالاستحقاق المالي تم لمعجب ولغيره من موظفي الأموال، فهل ستعاد أموال جميع من استثمر في شركة أم القرى؟ القضية ليست في صدور الحكم، فالمهم تدقيق الحكم؛ لأنه ما زال ابتدائيا، وإلى أن يصبح قطعيا أتوقع أنه سيستغرق وقتا طويلا، والأهم من كل ذلك مرحلة تنفيذ الحكم فهي الأصعب، وما لم يكن هنالك تدخل من قبل مؤسسة النقد لمعرفة مصير الأموال التي جمعت في شركة أم القرى، فلن تحل هذه المشكلة أبدا، خاصة أن هناك مليارات جمعت من قبل شركة أم القرى ودخلت في حساب الشركة، وإلى الآن لا يزال الكثير من علامات الاستفهام حول مصيرها تبحث عن إجابة. • أليست مؤسسة (تدمر) جزءا من شركة أم القرى أو شريكة لها؟ لا، وهذه ملاحظة مهمة جدا، فكثير من أفراد المجتمع يعتقدون ذلك، وسبب اللبس أن عائض بن سعيد الخثعمي -صاحب مؤسسة تدمر- جمع الأموال بداعي تشغيلها قبل أن يفاجئ المساهمين أنه أودعها في شركة أم القرى. • وما علاقة معجب الفرحان وبقية موظفي أموال عسير بمشكلة تدمر وإيداع أموالها في أم القرى؟ معجب ليست له علاقة بتدمر، بل كان يتعامل مع أم القرى مباشرة عن طريق أحد وسطائه، وكذلك بعض موظفي الأموال لم تكن لهم علاقة لا بأم القرى ولا بتدمر، ولكن هناك من جمع الأموال لصالح مؤسسة تدمر، وقد وقفت على قضيتين لشخصين جمعا أكثر من 50 مليون ريال من منطقة عسير لصالح مؤسسة تدمر وتم استصدارنا حكمين قضائيين لهما بمواجهتها بمبلغ 47 مليونا، أحد هذين الحكمين ميز من قبل هيئة التمييز بإلزام صاحب مؤسسة تدمر بدفع المبلغ كاملا والحكم الآخر في طريقه للتمييز، علما أن المتأثرين من تدمر كثر في المنطقة الغربية والمنطقة الجنوبية على وجه الخصوص، حيث نجح صاحبها في التدليس عليهم، خاصة الوسطاء الذين جمعوا مئات الملايين، وزعم في ما بعد أنها وضعت كاملة لدى شركة أم القرى وأنهم كانوا يعلمون، وللأسف انطلت هذه الحيلة على بعض السذج، واستطاع بمعاونة بعض المحامين أن يأخذ إقرارات منهم بذلك ليخلي طرفه من المطالبة، حيث توقف أولئك عن مطالبته متجهين إلى مطالبة أم القرى، حيث أبطل القضاء دعواه بعلم المساهمين معه باستثمار المال المسلم إليه لدى أم القرى؛ تأسيسا على تفريطه في تلك الأموال وضمانة لها حتى مع علمهم. ورغم كل ذلك؛ فلا يزال صاحب تلك المؤسسة يتمتع بكامل الحرية والتنقل داخل المملكة وخارجها دون حسيب، وكأنه غير مطالب بشيء، رغم أنه جمع مئات الملايين من آلاف المساهمين، وكان أداة للتفريط في أموالهم بعد أن كانت يده عليها يد أمانة. • وماذا عن الممتلكات الخاصة بموظف الأموال معجب الفرحان؟ تم عمل مزاد على السيارات وبيعت بأكثر من مليوني ريال أودعت في حساب التصفية، أما بالنسبة للعقارات فخلال شهرين سوف يتم الإعلان عن مزاد لبيع العقارات والأراضي في أبها وجدة بعد أن تم وضع اليد عليها. • ومخطط (الهيام)، هل هو ضمن العقارات التي تم وضع اليد عليها؟ مخطط الهيام من العقارات المحجوزة لدى كتابة العدل والموقوف إفراغها، ولهذا المخطط قصة طويلة فهو موجود في مدينة أبها، وقيمته السوقية حين اشتراه معجب الفرحان -حسب تقدير بعض أهل الخبرة- لا يتجاوز 20 مليون ريال، ولكن مجموع المبالغ التي صرفت فيه تقارب 70 مليون ريال؛ شاملة الدلالة والهبات لبعض الأشخاص الذين مارسوا عملية السمسرة، ومع أن الفرحان اشتراه قبل توقيفه بفترة من الزمن، إلا أنه لم يفرغ باسمه إلا بعد توقيفه لدى البحث الجنائي في شرطة عسير، وفي الوقت نفسه؛ الذي أفرغ فيه الصك باسم الفرحان أفرغ باسم شخص آخر، وللأسف فقد ضبط في دفاتر الضبط معلومات غير حقيقية على أنها وقائع صحيحة، ومن ذلك أن معجب استلم المبلغ كاملا، وهذا مخالف للحقيقة، فلم يتسلم معجب المبلغ كاملا، ولم يتسلم سوى مليوني ريال من قيمة المخطط بعد الإفراغ للمالك الجديد، وبواسطة شيك جيره معجب لشقيقه محمد أثناء توقيفه في السجن، وقد تم وضع اليد على مبلغ المليونين وإيداعه في حساب التصفية. • ذكرت أن امتلاك المخطط وبيعه تم في السجن، فكيف حدث ذلك؟ نعم، هذه الحقيقة، فمعجب كان موقوفا في إدارة البحث الجنائي وحضر إليه في مقر التوقيف كاتب العدل أو بالأصح رئيس كتابة العدل، ومعه 3 أشخاص؛ اثنان من منطقة عسير شهدا على انتقال ملكية المخطط إليه، وفي الوقت نفسه شهدا على انتقاله منه إلى الشخص الثالث، وهو رجل أعمال قدم من جدة لشرائه. ونحن نسعى لإبطال البيع. • كيف؟ الإجراءات لم تصل إلى القضاء ولا يزال التحقيق جاريا، وأؤكد أن معجب الفرحان لم يتسلم كقيمة للمخطط إلا مليوني ريال، رغم أنه أثبت في دفاتر الضبط بأنه تسلم 55 مليونا. • إذا نجحتم في كافة الإجراءات التي تنوون اتخاذها لاستكمال ملف القضية، فكم سيحصل المساهم على رأس ماله؟ إذا استحصلت المبالغ المالية التي لدى أم القرى وقيمة مخطط الهيام، إضافة إلى ما سيتم استصداره من أحكام قضائية على الوسطاء بإعادة العمولات التي استلموها، فأتوقع أنها سوف تشكل مع المبالغ الموجودة الآن في حساب التصفية ما لا يقل عن 70 في المائة من رؤوس أموال المساهمين. • ما المدة المتوقعة لحصول المساهمين على أموالهم؟ مسألة الحسابات المالية مرتبطة بطول أمد القضية، والبنوك فصلت المحافظ الاستثمارية لديها، وشركات الوساطة أصبحت مستقلة، وبات الحصول على أية معلومة محاسبية يتم في مدة لا تقل عن ستة أشهر، فالبنك وبتعليمات من مؤسسة النقد لا يزود أية جهة بالمعلومة إلا عن طريق مؤسسة النقد، وإذا كان الحصول على معلومة بسيطة عن إيداع شيك مثلا يتطلب الانتظار ستة أشهر، فإن الحصول على صور المستندات سيستغرق ما لا يقل عن سنة. • المساهمون يقيسون أداء اللجنة بما أنجزت، فماذا تقول لأكثر من 50 ألف مساهم؟ أنا هنا لست محاميا عن اللجنة، لكن الحقيقة يجب أن تقال، فهي تبذل مجهودا جبارا ونجحت في إنهاء قضايا أكثر من 70 مستثمرا وإغلاق ملفاتهم والوصول إلى تسوية بين المستثمرين والمساهمين وتم إنهاء العلاقة التعاقدية بين الطرفين بالتراضي وأعيدت للمساهمين 40 إلى 80 في المائة من رؤوس أموالهم.