واشترط عضو هيئة كبار العلماء الدكتور قيس المبارك أن يكون في التشهير مصلحة مرجوة دون تجريح به أو أذى، وقال: «يجوز التشهير إذا كان فيه مصلحة مرجوة فقط، كمصلحة الإبلاغ في الحالات التي يترتب على ترك الإبلاغ فيها ضرر خاص بفرد وآكد أن يكون الضرر عاما بالجماعة، فينبغي الإبلاغ عن أموال الفارين من مرتكبي الجرائم، الذين يخشى من تركهم حصول الضرر العام»، موضحا أن الشريعة الإسلامية أباحت كشف ستر هؤلاء في هذه الحالة نظرا لما تدعو إليه الضرورة، فلزم أن تقدر هذه الضرورة بقدرها، بحيث لايكشف من أسرارهم إلا القدر الذي يؤدي إلى المصلحة المرجوة منه وبأسلوب بعيد عن التجريح والتشهير، بل بأحسن لفظ وأجوده، واستدل على ذلك بحكم السارق حيث قال: «ففي السرقة حين يشهد الشاهد، فإنه يقول عن السارق مثلا: «رأيته أخذ» إحياء لحق المسروق منه، ولايقول: «سرق»، محافظة على الستر، فالمتهم لا يكون سارقا إلا إذا ثبت بالدلائل والبينات أنه سرق. وخلص المبارك إلى «أن التشهير بالمستهترين بالأموال العامة والمختلسين لها لا يكون إلا بهذا الشرط، أما أن يشهر برجل والقضاء لم يقل كلمته بعد، فهذا لا يجوز». مفيدا أنه «إذا صدر حكم القضاء، فهذا لا يعني إباحة سبابه وشتمه، بل ولا يعني أن يكون حديث المجالس ولا أن يتفكه به في المنتديات، فيكفيه من التشهير صدور الحكم عليه وشيوع الخبر، وأما التسلي بعرضه في المناسبات فمما لا يفيد، بل هو من الإساءة لأهله وأولاده وعشيرته»، وحول الرؤية الفقهية لقضية التشهير قال المبارك: «حسن الخلق في الإنسان كمال ذاتي فيه، جاء الإسلام للحض عليه وتتميمه، ففي الحديث: ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، لما يترتب على الأخلاق من مصلحة اجتماعية كبيرة، لموافقتها الفطرة الإنسانية، ومما يضاد حسن الخلق الفضيحة والتشهير، فليسا من خلق المسلم، وليسا من المروءة، ولو وقع المشهر في نفس المعصية، لما سره أن يكون مفضوحا، ولتمنى أن يشتري الستر بما يملك من مال، فمن الذي يرضى لنفسه أن يشهر به»؟. وأوضح المبارك «أن الشرع الحنيف أمر بالستر على عورات الناس وندب إلى ذلك في عموم أحوالهم، وعد الكشف عن عوراتهم والتشهير بهم صورة من صور العدوان على الغير، إلا إذا كان لقصد التظلم برفع شكوى إلى القضاء، أو تحذير أو إصلاح أو غير ذلك من المقاصد المشروعة التي تعود على المجتمع بالصلاح، فالتشهير إنما شرع لمصلحة راجحة، ولا مصلحة في التشهير لمجرد التسلي بذلك في المجالس أو التشفي من المشهر به، فهذا من إشاعة الفاحشة».