خلال فترة عملي في المستشفى التي بلغت عشر سنوات، شاركت وزملائي كفريق بحث بتوجيه من إدارة المستشفى بإجراء بحث عن أسباب هروب بعض المرضى من مستشفى الأمل في جدة، وكان الهدف منه إلقاء الضوء على الأسباب التي تدفع المريض إلى الهروب حيث استغرقت مدة إعداده شهرين، وقد تم تصميم استبيان لاستطلاع آراء المرضى والفريق العلاجي عن الأسباب، كما تم الرجوع لملفات المرضى الهاربين من المستشفى منذ افتتاحه وحتى تاريخ إجراء البحث واتضح أن أبرز أسباب الهروب وفقا لنتائج البحث كما يلي: عدم وجود رغبة حقيقية في العلاج.. إجبار المريض على دخول المستشفى.. تبادل الخبرات السيئة نتيجة اختلاط المرضى بعضهم ببعض ينتج عنه تأثير سلبي وخاصة الخبرات المرتبطة بنوع المخدر.. اشتياق المريض للتدخين ولمادة التعاطي.. وجود توصيات تنص على إبقائه داخل المستشفى لفترة طويلة.. عدم اكتراث الأسرة بالمريض وتركه دون اتصال هاتفي به أو زيارة له.. تباين الأعمار بين المرضى المختلطين ببعضهم بعضا داخل الجناح له تأثير سلبي من حيث التحريض على الهروب.. إصابة المريض بمرض أو اضطراب نفسي..سياسة المستشفى التي تنص على منع التدخين.. وجود بعض الثغرات والمنافذ بالمستشفى. وبناء على ما سبق، قدم فريق البحث التوصيات التالية: زيادة مستوى الوعي لدى المرضى وأسرهم داخل وخارج نطاق المستشفى من خلال المحاضرات الهادفة إلى الترغيب في العلاج وتوضيح البرنامج المتبع في المستشفى.. ودور كل من له علاقة بالمريض من الفريق المعالج.. تكثيف كاميرات المراقبة كإجراء احترازي في مختلف أنحاء المستشفى.. دراسة اقتراح فصل المرضى عن بعضهم بعضا في أجنحة مخصصة حسب نوع المخدر للمرضى وحسب الأعمار.. عزل المريض العادي عن المريض النفسي بتوفير أجنحة خاصة لهم.. المطالبة بالإسراع بدمج مستشفى الصحة النفسية بمستشفى الأمل بجدة.. إيجاد بدائل أخرى مشابهة لجناح الرعاية الممتدة لاستقبال الأعداد الكبيرة من المرضى.. تكثيف الندوات والمحاضرات التي تركز على مشكلة الاشتياق للمخدر.. وكيفية التعامل مع مثيرات الانتكاسة.. تكثيف المجموعات العلاجية لمرشدي التعافي.. التنسيق بين الإمارة ومستشفى الأمل فيما يخص التوصيات الصادرة من قبل أهالي المرضى وذلك بعدم تحديد المدة العلاجية، بل يكون تحديدها وفقا لما يراه الفريق المعالج في المستشفى.. زيادة عدد أيام الزيارات بحيث يصبح (من السبت إلى الأربعاء)، وتنظيم أوقات الزيارة بما يتوافق وظروف أسر المرضى، على أن تكون الزيارة على فترتين: الفترة الصباحية من الساعة (10-2) والفترة الثانية من الساعة ( 4-8).. السماح للمرضى بالتدخين أسوة بمستشفيات الأمل بالرياض والدمام، ولكن بجرعات محددة، ومنظمة، خاضعة لضوابط السيطرة.. والتحكم في تحديد مواقيت وأماكن معينة كالحديقة مثلا. وبعد الانتهاء من البحث تم رفعه لإدارة المستشفى التي أبدت الاهتمام والتوجيه بتشكيل لجنة من إدارات وأقسام المستشفى المعنية لدراسة نتائج البحث. وفي الختام: أنقل ما سمعته من بعض المرضى بأنهم عندما التحقوا بالبرنامج العلاجي كان هدفهم العلاج من الإدمان على المخدرات وليس من التدخين مؤكدين أنه في حال السماح لهم بالتدخين فإنهم لن يلحوا بالخروج ولن يهربوا وسيمكثون في المستشفى لإكمال البرنامج العلاجي. عبد الرحمن حسن جان مدير الخدمة الاجتماعية سابقا