قيل في معنى المسؤولية: كون الفرد مكلفا بأن يقوم ببعض الأشياء وبأن يقدم عنها حسابا إلى غيره. وينتج عن هذا التحديد أن فكرة المسؤولية تشتمل على علاقة مزدوجة من ناحية الفرد المسؤول بأعماله وعلاقته بمن يحكمون على هذه الأعمال. وقيل بأنها: الشعور بأداء الواجب والإخلاص في العمل. وأنها حالة يكون فيها الإنسان صالحا للمؤاخذة على أعماله وملزما بتبعاتها المختلفة. إلى غير ذلك من كلام عن المسؤولية يرتقي إلى سمو ديننا الذي عرفنا بالمسؤولية منذ أن حملنا الأمانة بقبول الأوامر والنواهي ومسؤولية الإنسان في تحمل نتائجها وقبول مبدأ الثواب والعقاب. وعلى ضوء ما نعيشه من واقع التفريط في هذه المسؤولية ينبغي أن نتنبه إلى ما يمكننا به التصحيح والاستدراك وهو الشعور الدائم بالمسؤولية.. عظمت أو صغرت.. فلابد من استدامة حضورها وقوة دفعها للمسؤول بأن يفي بحق المسؤولية.. وأن لا يكون الشعور قويا فقط عند المقدرة على أن يلزم الإنسان نفسه بمسؤولية أمر ما، بل قوة الحضور والشعور بالمسؤولية على أن يفي بعد ذلك بالتزامه ببذل العمل المتوج بالجهد والإخلاص والخوف من الله، وذلك يتطلب محاسبة المسؤول نفسه قبل العمل وبعده محاسبة تؤهله لمحاسبة الجهة العليا الحاكمة للأعمال. وليتمثل بعد ذلك أو قبله موقف الحساب الأعظم بين يدي الله عز وجل.. فوالله ما تماثل هذا الموقف لمسؤولٍ إلا اهتز خوفا من الله هزة تنفض كل ما أخذه بغير حق، تنفض عنه الأطماع والأهواء وتؤهله لأن يكون صالحا للمؤاخذة والمساءلة وتحمل التبعات، وتذكره بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شات تيعر». قالها حينما أهدي إلى أحد عماله على الصدقة فما عساه كان يقول عليه الصلاة والسلام لو رأى حال أمته وما آلت إليه من فساد، بسبب تضييع الأمانة وأخذ الحقوق ومسؤولية همها الأكبر توسيع حدودها، ولو على حساب حياة الآخرين. [email protected]