من المفردات المستجدة في الخطاب الثقافي هذه الأيام كلمة (العالمية)، نسمعها تتردد كثيرا على أفواه البعض أثناء حديثهم عما يحملونه في صدورهم من طموح وغايات قصوى، في مجالات مختلفة مثل الرياضة أو الفن أو الأدب. والعالمية هنا يريد بها المتحدث أن يكون معروفا على مستوى العالم، و(حرفيا) على مستوى العالم الأمريكي والأوروبي، فأن يكون معروفا في هذا العالم المتقدم، هو في رأيه دلالة على تميزه، وشهادة بارزة على نجاحه. ولوجه الحق، هذه النظرة التي تقرن النجاح في أمر ما بأن يكون صاحبه معروفا لدى العالم الغربي، ليست خاصة بنا وحدنا وإنما هي تكاد تكون سمة عامة في البلاد العربية كلها، ونتيجة لذلك فإن النتاج الذي يطرحه أولئك الطامحون إلى العالمية، يكون غالبا معدا وفق ما يتوقع أنه يرضي الذوق الغربي ويلائم توجهاته ويساير الفكر السائد فيه، وهذا يعني أن الحرص على العالمية أدى الى أن يكون إرضاء الغرب والقدرة على لفت انتباهه هو الغاية الأولى ثم يأتي بعدها كل شيء. يقول الكاتب المصري سعيد الكفراوي منتقدا توجه بعض الكتاب إلى التركيز على العالمية بصرف النظر عن أي اعتبار آخر: «أصبح مقياس نجاح الأديب في الواقع هو مدى نجاحه في ترجمة أعماله لدرجة أن البعض يكتب الآن بصيغ تعكس تخلفنا وتصف شرقنا بالاستبداد والحياة خارج الزمن، رغبة في الترجمة والتواجد عند الآخر الغربي». فمن المتوقع، أن الغرب لن يترجم إلى لغته وينشر النتاج الثقافي لأمة أخرى ما لم يكن ذلك النتاج مميزا حقا، أو متضمنا جانبا مثيرا يخاطب قضايا تهم الغرب، أو تدعم موقفا من مواقفه، ولذلك يعمد أولئك الحريصون على العالمية إلى إخراج أعمالهم الثقافية في الصورة المطلوبة لدى الغرب، كمهاجمة الدين ونقده، أو تصوير التقاليد والعادات القديمة وإظهار ما فيها من نقائص، أو غير ذلك من القضايا التي تلفت انتباه الغرب وتدفع به إلى ترجمة الأعمال كنموذج للوضع الثقافي في البلد. وهذا ما أشار إليه أحمد صالح في تعليقه حول ركض البعض نحو العالمية: «وبعض الكتاب العرب يضع في اعتباره أنه يكتب لتترجم أعماله إلى اللغات الأجنبية، وهؤلاء قد أدركوا بالخبرة أن إظهار العورات وإجلاء العيوب في مجتمعاتهم يقربهم إلى الترجمة، ذلك أن الترجمة إلى اللغات الأجنبية ليست بريئة تماما أو دائما، فهناك جهات يهمها نشر هذه العيوب باعتبارها أشياء ملازمة للحياة العربية». كثيرة هي الكتابات التي ترجمت واشتهرت وصنفت (عالمية)، ولم تكن مطيتها سوى مهاجمة الدين والتقاليد والأعراف والاندفاع نحو تمجيد كل ما يصنعه الغرب، مثل كتابات نوال السعداوي وسلمان رشدي وتسليمة نسيم وغيرها. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة