أربعة أيام وتنتهي المهلة الممنوحة لسكان ثماني قرى على الشريط الحدودي لإخلاء قراهم، إلا أن أمل العدول عن الخطوة ما زال يداعب الكثيرين، لتبقى قلوب السكان معلقة بقراهم ومزارعهم ودوابهم التي عشقوها حتى الموت. وكان الوداع الأخير بدا واضحا على وجوه سكان الشريط الحدودي، فالبعض يستعد لجمع أغنامه ومواشيه وما تيسر حمله من متاع، قبل إشراقة فجر السبت، وهو الموعد المحدد للنزوح، بينما شرع آخرون في جمع متعلقاتهم الشخصية تمهيدا للرحيل. وكشفت جولة «عكاظ» على القرى المقرر إخلائها كمرحلة أولى، وهي «السر، أم القروش، محجن، الزبادي، الضلعة، أبو الرديف، السرداح، والمجروب»، بينما قرى «الروضة الغربية والشرقية، أم العود، الكناديش، الواسطة» ستكون المرحلة الثانية التي لم يحدد بعد وقت إخلائها، حيث تم إبلاغ سكانها بأمر الإخلاء في إطار خطة الخروج النهائي، حماية لأرواحهم من خطر المتسللين. وأظهرت الجولة مدى تمسك السكان بمنازلهم، حيث بدا الحزن مرسوما على وجوههم، خصوصا وأن البعض منهم أنفق «تحويشة» العمر في بناء منازل لأسرهم، فيما البعض الآخر ومعظمهم من الأرامل والعجزة وكبار السن، أحبوا المكان الذي عاشوا فيه لقرابة الثمانية عقود رغم ظروفهم المعيشية الصعبة، إلا أن تعليمات جهات الاختصاص بإخلاء تلك القرى لدواعي أمنية ولحماية حدود المملكة الجنوبية، جعلتهم ينصاعون للأمر رغم الرحيل المر. ووأضح ل«عكاظ» المواطن محمد الحدادي الذي كان يتأهب لمغادرة قريته، إنه صرف مبالغ كبيرة تقدر بنصف مليون ريال في بناء منزل لأسرته وهذا المبلغ هو تحويشة العمر التي جمعها من عمله في الخدمة العسكرية لمدة 26 سنة، وقال «صعقت عندما تم إبلاغي بالرحيل وترك منزلي وذرفت عيناي الدموع» مشيرا إلى أنه لا يمانع في قرار النزوح طالما ذلك لحماية الأرض الغالية، وأضاف قائلا: «نحلم بمكان مناسب يجمع أسرنا وعائلاتنا بدلا من البقاء في المخيمات التي لا تتناسب مع ظروفنا». وقال شيخ القرى النازحة مهدي أحمد حكمي، أنه بلغ بالإخلاء الذي حدد حتى السبت المقبل، حيث أبلغ من جهته سكان القرية بالأمر، والذين أكدوا عدم ممانعة تعليمات الدولة، ولكنهم يحلمون بعيشة جيدة بعد نزوحهم، خصوصا وأن العائلات لا تستطيع البقاء في مخيمات لم يعتادوا عليها، وطالب بتوفير مكان مناسب لأبناء القرية الذين سيفقدون الكثير من منازلهم ومواشيهم وحتى راحتهم النفسية. من جهته، تمنى علي حسن حكمي 64 عاما، أن يتوفر لأسرهم المكان المناسب خصوصا وأن الزمن سيحكم عليهم بالبقاء بعيدا عن قراهم ليبقى الحنين بحسب قوله. أما محمد حكمي فيصف الحالة النفسية التي تعيشها أسرته والانهيار الذي تعرض له أبناؤه عند علمهم بمغادرة قريتهم «أم القروش» وقال «أبدت أسرتي رغبتها البقاء في القرية وعدم الرحيل، إلا أنني أبلغتهم أن التعليمات تنص على إخلاء المنطقة وذلك بهدف حماية حدودنا الجنوبية من الأعداء». وأكد مدير مكتب التربية والتعليم في صامطة علي محمد عواف، أن إدارة التربية والتعليم في منطقة جازان وضعت خططتها لمواجهة الموقف والتعامل معه، وقال إن عدد الطلاب في القرى الحدودية يبلغ أكثر 1500 طالب تم التعامل مع 930 طالبا في الخطط السابقة، فيما سيتم التعامل مع الباقي حسب الخطة، مؤكدا نجاح خطة الإدارة في النزوح السابق، فيما كشفت ل«عكاظ» مصادر في الدفاع المدني، اكتمال خطط الإخلاء وأنهم في انتظار صدور التعليمات المباشرة في استقبال النازحين وتوفير المكان المناسب والإعاشة.