بدأ سكان قرى الشريط الحدودي التابعة لمركز القفل في النزوح إلى المحافظات المجاورة وذلك بعد أن انتهت المهلة التي حددتها الجهات ذات الاختصاص لسكان قرى: السر، أم القروش، محجن، الزبادي، الضلعة، أبو الرديف، السرداح والمجروب والتي يسكنها مايقارب ثلاثة آلاف نسمة. وينتظر سكان قرى: الروضة الغربية، الشرقية، أم العود، الكابش، والواسطة الذين أشعروا بأنهم سيخلون قريبا في ضمن المرحلة الثانية التي لم يحدد موعدها حتى أمس. ورصدت «عكاظ» مدى تمسك السكان بمنازلهم والحزن الذي رسمه خبر الرحيل على وجوههم، فالأطفال يتعلقون بألعابهم حتى البدائية منها مطالبين أسرهم باصطحابها. المواطن مهدي هادي علوي كان يقف عند منزله بعد أن باع أجهزة تكييف الهواء بمبلغ 50 ريالا للمكيف الواحد، لأنه وعلى حد قوله لن يستطيع نقلها بينما اضطر أن يبيع أغنامه بمبلغ لا يتجاوز 15 ألف ريال بعد أن عجز عن نقلها إلى المحافظات المجاورة، مضيفا: «من سيرعاها في المدينة والمخيمات كل من رحلوا فقدوا ماشيتهم». وفي قوافل المغادرين كان سكان قرية أبو الرديف يتحدثون عن العريس الذي لم تكتمل فرحته بعروسه ومنزله الجديد والذي دفع كل مايملكه من أجل الاستقرار، ولكن خبر النزوح عكر صفو حياته وينقل متعلقاته إلى المستودعات على أمل البحث عن منزل ليبقى وشريكة حياته دون مكان وقد يضطرون لقضاء ما تبقى من شهر العسل في خيام مركز النازحين. ويعود مهدي علوي للحديث، بعد أن توقف قليلا عن الحديث ليؤكد: «سلامة هؤلاء الناس من المتسللين أهم من المال والبيوت وسيظل جبل جحفان شامخا». المتأمل في تفاصيل الوجوه والقلوب النازحة يقرأ عبارة واحدة لا أكثر «لا راحة إلا في بيوتنا»، وسط إيمان عميق بأن إجراءات النزوح مهمة وضرورية لحفظ الأمن ومواجهة المعتدين. استقبل المواطن عبدالله محمد علوي الخبر، كما يصف، مثل الصاعقة، الذي أنفق 300 ألف ريال لبناء منزله لحفظ أسرته، مبينا : «حصيلة خدمتي في السلك العسكري بنيت بها بيتا ولا أمانع من النزوح طالما ذلك لحماية الأرض الغالية والحدود الجنوبية، ولكننا نأمل أن تؤمن لنا منازل مناسبة». الوضع مختلف مع محمد طاهر علوي، الذي يبلغ عدد أفراد أسرته 52 بين زوجة وولد وبنت، آملا في توفير «المسكن المناسب فأسرنا لا تستطيع البقاء في مخيمات لم يعتادوا عليها». «الوداع الأخير»، كما يسميه سكان الشريط الحدودي بدا واضحا على وجوه الأسر والأطفال، فالكل يستعد لجمع أغنامه ومواشيه ليبدأ في النزوح بعد انقضاء المهلة المحددة حسب الموعد المحدد، والبعض الآخر بدأ في جمع متعلقاته الشخصية تمهيدا للرحيل مالم يأت خلاف ذلك ،حيث لازال أمل العدول والعودة لمنازلهم يداعب مشاعر السكان. ساعات قليلة وتنتهي المهلة التي أعطيت لسكان ثماني قرى على الشريط الحدودي بين أمر الرحيل وترقب العدول عن الرحيل، لتبقى قلوب السكان معلقة بقراهم ومزارعهم ودوابهم التي عشقوها ولا يستطيعون الاستغناء عنها.