تدوين ونشر الأحكام القضائية موضوع قديم جديد صدرت فيه أوامر سامية وتم بحثه والاستقصاء فيه باجتماعات هيئه كبار العلماء منذ أكثر من ثلاثين عاما. ومن اللافت للنظر أن هناك أوامر كريمة منها المرسوم الملكي الصادر عام 1395ه والذي تم التنصيص فيه على أن يتم تشكيل لجنة في وزارة العدل تتألف بقرار من وزير العدل وعدد كافي من الأعضاء و تتولى هذه الإدارة: أ - استخلاص المبادئ التي تقررها محكمة التمييز فيما تصدره وتبويبها وفهرستها بحيث يسهل الرجوع إليها. ب - إعداد مجموعات الأحكام المختارة للنشر. لقد قامت وزاة العدل مؤخرا بإصدار ما سمي بمدونة الأحكام بأجزاء ثلاثة والتي تتضمن العديد من الأحكام الصادرة من القضاء العام بأبواب متفرقة كالأحوال المدنية والأحكام الجنائية والإنهائية والحقوقية وغير ذلك. وتمثل هذه الخطوة حسبما أشارت إليه وزارة العدل أنه تنفيذا للتوجيهات السامية القاضية بتدوين ونشر الأحكام الصادرة و عرضها على المتلقين. كما قام ديوان المظالم بنشر المبادئ القضائية الإدارية في عدة مجلدات تمثل بعض الأحكام الإدارية الصادرة إضافة إلى المبادئ القضائية الإدارية التي استقر عليها القضاء بديوان المظالم. إن من المؤكد أن الحاجة قد باتت ماسة إلى سرعة تدوين الأحكام الشرعية الفقهية ووضعها في مدونات ويتم تعميمها في المحاكم و هو الأمر الذي انتهت هيئة كبار العلماء إلى جوازه و أنه لا مانع من إصدار ذلك وتتضمن الراجح من أقوال العلماء. ولاشك أن العناية بالنشر والتدوين وسرعة تطبيق هذا الأمر القرار الصادر من هيئة كبار العلماء سيؤدي إلى سرعة إنجاز القضايا والبت فيها بدلا من طول الأمد وتعاقب السنين والقاضي لم ينته من حكمه النهائي. ولقد اطلعت على تسبيب هيئة كبار العلماء في أهمية وضرورة تدوين الأحكام الشرعية المختارة من أرجح أقوال العلماء بحيث يتم تعميمه على المحاكم و إلزام القضاة الحكم بموجبه بل إن الهيئة أوردت في قرارها ما نصه:- «ثم إن طبيعة العمل القضائي لا سيما في العصور المتأخرة تقتضي تبلد الفكر وركود الحصيلة والقضاة يقرون بذلك ويكثرون من الشكوى منه» إلى أن قالوا «إن النهوض بالمرفق القضائي يتطلب عده عوامل يعتبر التدوين في نظرنا أحدها وبحكم ممارسة أكثرنا للأعمال القضائية حكما وتدقيقا» بل إن عضو هيئة كبار العلماء راشد بن خنين متعه الله بالصحة و العافية صرح «بأن الكثير من القضاة لا يمكن اعتبارهم من أهل الاجتهاد والترجيح مع وجود قضايا كثيرة جدت هذا الزمن وهي غير منصوص عليها في كتب المذهب بالإضافة إلى وجود اختلاف الأحكام في كثير من المسائل المتساوية من أجل ترجيح قول على قول أو رأي في المذهب على آخر لا من أجل اختلاف وقائع القضية أو ملابساتها» بل إنه رحمه الله انتهى إلى رأي جريء جدير بالتأمل وهو قوله «ضرورة سرعة تدوين الأحكام الشرعية على القول الراجح بدليله وأن يعمم على المحاكم وإذا ظهر لأحدهم الحكم لأحد بخلاف ما هو مدون فيرفع بذلك لمجلس القضاء». وإنني أقول ومن خلال عملي في مهنه المحاماة منذ أكثر من ثمانية عشر عاما بأن ما كان يخشاه الشيخ صالح بن غصون (رحمه الله) من أن تدوين الأحكام سوف يؤدي إلى تفادي ما يقع من تفاوتها في قضايا متماثلة بالإضافة إلى ضعف المستوى العلمي للكثير من القضاة كما أوضح رحمه الله في رأيه الملحق بقرار هيئة كبار العلماء. ومن هنا فإنني أرى أن على الجهات القضائية أن تبادر إلى تحقيق هذه الأمنية والمطلب الذي صرح به علماؤنا منذ عام 1393ه وإن المتأمل بالواقع القضائي اليوم يدرك بجلاء ووضوح ضرورة هذه المدونات المتضمنة للأحكام وفق أقوال أهل الفقه ونوازل القضاء وباعتقادي أن ذلك سيسهم إلى حد كبير في تقليص التأخر في البت والحكم بالقضايا. كما أنه سوف يؤدي إلى تضييق ما يسميه البعض بالتناقض أو الخلاف في الأحكام وإن غاية وحجة المطالبين بعدم تدوين الأحكام هي تلك المساحة الواسعة التي يرغبون بإيجادها للقضاة بالاجتهاد والبحث الفقهي ولا شك أن هذا متعذر في هذا الزمن الذي شغل به القضاة في كثرة القضايا والالتزامات الأسرية والاجتماعية مما يتعذر معه وجود وقت كافي لذلك البحث العلمي والاجتهاد الذي انقضى. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 253 مسافة ثم الرسالة