انتشرت في الآونة الأخيرة إجراءات الفحوصات المخبرية والأشعات التشخيصية كتقييم مبدئي للعديد من الحالات التي تشاهد من قبل الأطباء بغض النظر عن تخصصاتهم ودرجاتهم الوظيفية، ونرى أن العديد من المختبرات التي تتسم بالشمولية تطرح عروضا للفحص الشامل، مما يولد عددا من النتائج والمصطلحات والأرقام التي تزداد عن المستوى المطلوب المسجل على ورقة التحليل. ومن المثير للاهتمام لدى البعض ممن أجروا أشعة البطن التلفزيونية أو الصوتية (إذ انهما يعنيان نفس الشيء) وجود كبد دهنية أو تضخم بالكبد مع مظهر عام للكبد يشير للدهون المترسبة عليه وعندها يهرع الشخص للاستشارة التي تبين الصورة وتوضحها. وللأمانة العلمية، فإن انتشار هذه الظاهرة يبعث على القلق مع زيادة استهلاك السعرات الحرارية المكتسبة من طابع الحياة وأسلوب الطعام المحلي الذي يخلق ما يسمى بحالة مقاومة الأنسولين، وهي عدم مقدرة خلايا الجسم القادرة على استخدام الجلوكوز الساري في مجرى الدم من دخول الخلايا عبر بوابات خلوية والتي عادة تتأثر في حالة السمنة وما يصاحبها من نسبة الدهون بالدم وداء السكري وترهل الدهون بالمنطقة الوسطى من البطن. وهذه الحالة المرضية ليست حميدة كليا بل انها تعبر عن عدة أعراض اختلالية لوظائف الكبد في طيف واسع يبدأ من ترسب الدهون الكبدية مرورا بالتهاب الكبد الدهني وانتهاء بالتليف الكبدي الذي قد يؤدي إلى أورام كبدية أو فشل كبدي. والنواة الأولى هي في تجمع الدهون في الخلية الكبدية ثم المرحلة الثانية حدوث أكسدة نتيجة مواد كيميائية داخلية تزيد انزيمات الكبد عن معدلها الطبيعي واستمرار هذه العملية يؤدي إلى سلسلة من التفاعلات والتليف أو التشمع في الكبد، حيث يحاول الكبد النمو والتعويض عن الخلايا التالفة. وعادة يكون تشخيص الكبد الدهني وارتفاع الدهون به بعد استثناء الأسباب الأخرى لالتهاب الكبد من فيروسات والتهابات ناتجة عن ترسب عناصر الحديد والنحاس وغيرها من الأسباب التي يمكن استخدام علاج محدد لها، ويندر في الوقت الحالي الحاجة إلى عمل عينة من الكبد للتشخيص إذ أن العلاج في هذه الحالة يتلخص في علاج المظاهر التي تؤدي إلى تكون زيادة الدهون وتحديدا تجنب الأطعمة المشبعة بالدهون وخاصة الدهون المكثفة ومصادرها الزيوت الحيوانية ومشتقاتها والاعتياد على نظام حركة ورياضة معتدلة ومنتظمة يتم من خلالها استهلاك المخزون الحراري ومنع زيادة السعرات الحرارية الزائدة عن الحاجة وتكونها وتخزينها على المدى الطويل. وهناك الكثير من أنظمة الحمية الغذائية التي ينصح بها ويجب أن تؤدى من خلال برنامج منتظم ومراقب طبيا من قبل مختصين لضمان سلامة هذه المهمة ونجاحها، ومن الناحية الدوائية فإن العقاقير التي ثبتت فعاليتها هي مستخلص الصبار ومكوناته الدوائية التي يمكن من خلالها منع تكون عناصر الأكسدة التي تؤدي إلى الالتهاب الكبدي، ونستخلص من ذلك أهمية التوازن في الغذاء وعدم الإسراف وصدقت المقولة الشائعة «اترك الطعام وأنت له في رغبة». * استشاري وأستاذ مساعد في جامعة أم القرى