نشرت الصحف السعودية أمس، (بدء يوم الحساب للفاسدين/ صحيفة المدينة) و(حملة توقيفات تطال مسؤولين/ صحيفتا الوطن وعكاظ) ما يعني ترجمة الخطاب الملكي إلى برنامج عمل من جهة، وجدية لجنة تقصي الحقائق بقيادة الإداري النشط (خالد الفيصل) من جهة أخرى. الأمر الذي يعني عمليا تدشين مرحلة جديدة (علنية) في الحياة الإدارية السعودية، وهي مرحلة المحاسبة (لا مسؤولية دون محاسبة) وهو الأمر الطبيعي الذي يجسد سنن الحياة والدول. ففي أدبيات الحكم والسياسة، يعكس هذا المنهج صحة النظام السياسي وثقته وقوته، بعكس الذين يعتقدون أن تجريم أو اتهام مسؤولين أو قياديين هو اتهام للدولة أو النظام، فهناك فرق كبير بين الدولة التي تشمل الأرض والشعب، والنظام السياسي الذي تم اختياره والإجماع عليه(ثابت) والجهاز الحكومي (المتغير) الذي يضم موظفين، بعضهم مثل بقية كافة دول العالم مخلصين، والبعض الآخر فاسدون. بل إن هناك موظفين في الإدارات العليا والوسيطة، يشعر بعض المراقبين أنهم لايمثلون النظام السياسي، برؤيته الكلية والشمولية نحو هذا الوطن وأهله، فيتسببون بخسائر معنوية وإدارية للدولة والوطن. وبالرغم من أن اختيارهم، يفترض أن يتم من خلال تمثلهم لأهداف النظام السياسي وفكرهم في خدمة الوطن وتحقيق تطلعات القيادة وطموح المواطنين، إلا أن ما يحدث على الأرض من البعض يصطدم ويتعارض مع أهداف الدولة والنظام، ناشرين ثقافة القرية في ديوان الوزارة. ما يعني أهمية أن تكون هناك لجنة وطنية مؤسسية (مستقلة) لاختيار المسؤولين والقيادات، ومتابعة سلوكياتهم الإدارية، وتقويمها، وأن يكون أحد معايير الاختيار قدرة المسؤول على تمثل أهداف النظام والدولة، بوعي سياسي وحس اجتماعي رفيعين، وليس الاقتصار على التقييم الفني البحت، وتجاهل الفكر المناطقي والإقليمي للمسؤول ورصده وتجريمه. فطبيعة المجتمع السعودي، وهو مجتمع حديث نشأة، بحاجة إلى مسؤولين (قياديين) يمثلون فكر ولي الأمر، لا (موظفين) يرحلون سخط الجمهور وأخطاءهم على الدولة، معطلين مشاريع الوحدة والانصهار الوطني. فبعض الموظفين يعتقد واهما أن تعيينه تشريفا له ولمنطقته أو أسرته، لاتكليفا لخدمة الدولة وأبناء الأمة، فيختزل الوطن في معارفه وأبناء قريته، مقوضا أهداف النظام السياسي وطموح الدولة. وهنا أتساءل، ما لفرق بين الفاسدين والإقليميين، الذي أساءوا استخدام السلطة وخانوا الأمانة وقسموا أبناء الشعب السعودي بين (أصحاب) و(أجناب)، أصحاب يتم تقريبهم وتمكينهم، وأجناب يتم تجاهلهم وتهميشهم حتى وإن خدموا الوطن والأمة. هؤلاء؛ مهما كانت مناصبهم، بحاجة إلى لجنة تقصي الحقائق، لمحاسبتهم وتقديمهم للعدالة، فقد أضروا بمصلحة الدولة والوطن، بل إن أضرارهم أكبر من فاجعة جدة، فضحاياهم أكبر، وخسائرهم أشمل، وبعضهم يدافع عن منطلقات التعيين المناطقي، بأنه اختيار الدولة، وهذا الأمر غير صحيح، فهي اجتهادات وتزكيات فردية، والدولة للجميع، لا مصلحة لها مع فئة معينة، أو شريحة محددة. فمنطلقات النظام الأساسي للحكم، ومضمون الخطاب الملكي، ينصان على رفض التصنيف، وتطبيق العدالة الاجتماعية، تكافؤ الفرص، وتحقيق التنمية المتوزازنة بين كافة المناطق، وشرائح المجتمع ، ومنح الفرص لكافة أبناء الوطن للمشاركة في البناء وصناعة القرار. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 166 مسافة ثم الرسالة