أثار مصطلح (المقاربة الحوارية والتواصل) الذي طرحه الناقد المغربي الدكتور حميد الحمداني في نادي جدة الأدبي عددا من المداخلات التي ركزت على علاقة هذا المصطلح ب«أدب ما بعد الحداثة»، وضمور الإبداع العربي. وكان الحمداني قد حدد في ورقته (قراءة حوارية) في النادي الأحد الماضي خمس مقاربات حوارية للتواصل مع النص الأدبي نقدا وتحليلا وتدريسا، فيما اكتفى مشاركه في الجلسة التونسي حاتم الفطناسي بتقديم قراءة في رواية الصحراء للأديب الليبي إبراهيم الكوني، مبرزا من خلالها ثقافة الصحراء. الأمسية وإن كانت ذات صيغة نقدية أكاديمية إلا أن الحمداني استطاع أن يحلق بالحضور عاليا في سماء التفكير رغم فشل التقنية في عرض ورقته، ومما قاله: «بإمكاننا أن نحول البحث المعرفي في النقد والتدريس الإبداعي لمردود معرفي من إحلال المقاربة الحوارية محل المقاربات الأخرى». وحدد هذه المقاربات بخمس هي: التواصلية الخطية، الذوقية، المعيارية، العقائدية، والأيديولوجية، وعرف المقاربة الحوارية بأنها تصور جديد لمنهج النقد الأدبي والتحليل الأدبي وتدريس الأدب. واختتم ورقته بقراءة قصة (الحذاء الأمريكي) للمغربي عبد الله المتقي: «التقى قيس بليلى العامرية في ليل حالك، وقريبا من واحة زرقاء، قيس: - «قمر أنت». غضبت ليلى، انكمشت أساريرها وصرخت: «قمرك دنسه أرمسترونغ؟»،وانصرفت حزينة وباكية إلى خيمتها». ووضع الحمداني عددا من الأسئلة الفلسفية حول هذه القصة مثل: ما هي الدلالة لمفهوم الحذاء الأمريكي؟، ما هي قيمة الدلالة المكانية؟، كيف تم إحضار قيس وليلى في العصر الحديث؟، ما هو الهدف من وضع أرمسترونغ بين تنصيص، ما الوجه التاريخي والحضاري والسياسي لهذه القصة؟. وردا على إحدى المداخلات قال: «النقاد في الزمن الماضي لجأوا إلى المنهج التكاملي لجبر الخواطر والحوارية يجب أن تجد نفسها وتستفيد من التطورات في المناهج بالإضافات لأن الحوارية منهج مفتوح لكنها لا يمكن أن تلغي المناهج الأخرى». وحول العلاقة بين الحداثة والتفاعلية الحوارية، قال: «الحداثة منهج يريد أن يلغي فعالية الحوار بمعنى أن هناك اهتماما بالهوامش أكثر من اللازم». وتحدث الفطناسي عن المكان متسائلا: هل هو مجرد وسيلة تبليغ أم أنه لبنة من لبنات البناء؟، وقال: «المكان هنا يعتبر فاعلا للبحث عن حركة الفواعل»، مضيفا «يتضح في رواية الصحراء لإبراهيم الكوني وظائف تعليمية، أخلاقية، معرفية، جمالية فنية، سردية، إضافة إلى أنه يحمل وصائف الكينونة وتعشيق للأجناس». وفي رده على إحدى المداخلات قال الفطناسي : «لا أدعو إلى تجميع المناهج النقدية، لكن إلى الأخذ بالمنهج الذي يؤدي إلى التذوق النقدي».