أوضح المستشار الدكتور بن سعد صالح اللحيدان بأنه لابد من توافر الموهبة في المفتي، حتى يتمكن من الوصول إلى نتيجة وفتوى صحيحة، وإلا سيقتصر البحث في الفتوى على أمور متكررة، ليس فيها أي تجديد، ولا تساير العصر، حتى وإن كان الطرح مختلفا. وأشار إلى أن افتقاد الموهبة مع الرغبة في التوصل إلى النتائج، جعلت المجامع والمجالس والمراكز العلمية تحصل على النتائج سريعا بسبب العجلة، حتى إذا ظهر الرأي العلمي المستقل أو الرأي العلمي المسؤول سمعنا عن ردود علمية نتجت عن هذه العجلة. وذكر أن عامة العلماء قديما كانت لهم معايير في الفتوى، منها معرفة الناسخ والمنسوخ والمطلق والمقيد وكذلك العام والخاص والمتقدم والمتأخر، إلا أنه كلام كتب قديما وأسهب فيه. وبين أن العلماء قديما تساهل غالبهم في النص الذي هو من فقه المستجدات وما يتطلبه العصر. ونوه إلى ضرورة معرفة سعة البطان، وكذلك الاطلاع على مستجدات العصر الرديفة، كعلم الطب العضوي، وعلم الطب التحليلي النفسي، إضافة إلى معرفة الصحيح من الضعيف، والحسن لذاته والحسن لغيره، وضرورة الاستقصاء فيما يتعلق بالاطلاع على فقه اللغة بدلالات الألفاظ على المراد، فهذا سينمي موهبة الفتوى. وبين ضرورة سلامة العاطفة من الميل، وهذا ما يرمى إليه بسبق العاطفة على العقل، لأن هذا من فقه النوازل الذي نحتاجه. وتطرق اللحيدان إلى بعض الأمور المسهمة في تنمية الموهبة في الفتوى والتي تعتبر من فقه النوازل، كمعرفة كنه النص لا دلالته على المراد فقط، وهذا مفقود في كثير من الدراسات والقرارات، وكذلك لابد في تطوير الفتوى من الاطلاع التام على كنه مستجدات القرائن كالحمض النووي وبلازما الدم وأنسجة الوراثة، وإن كانت هذه الأخيرة تختص بالقضاء لكنها من الموهبة في الفتيا. وأفاد بأن الفتوى تنقسم إلى قسمين: فتوى مستقلة، وفتوى مسؤولة، وأن كليهما يحتاجان إلى حسن التصرف، والتصور، وعمق المعرفة، وهذه الركائز يرمى إليها بأنها من الموهبة في الفتوى، وعلى هذا فإن الفتوى تختلف عن الحكم القضائي، فالفتوى بيان الحكم مع دليله أو تعليله، وأما القضاء فهو بيان الحكم مع الإلزام. مختتما بأن الفتوى منصب رفيع وكبير، بل هو من المراكز العظمى، لذلك لزم الاهتمام به والدقة والبحث المتعمق والموهبة.