يجب على من يريد الإفتاء الكثير من الواجبات منها الإخلاص لله تعالى، ومراقبته، ومشاورة أهل العلم والاختصاص عند الالتباس، والتوقف عن الإجابة عند عدم ظهور الحكم له، وعدم التحرج من قول: لا أدري، وكذلك عدم التردد في الفتوى عند ظهور الحكم له، والمحافظة على أسرار المستفتين، ودلالة المستفتي على ما ينفعه، ومراعاة الجوانب التربوية والتوجيهية في فتواه. والفتوى هي الإخبار بحكم الله عن دليل لمن سأل عنه، وتعتبر من الأمور التي لا غنى للمسلم عنها في جميع جوانب حياته المختلفة من عبادات ومعاملات وأعمال. وهناك العديد من الصفات التي ينبغي أن يتصف بها المفتي، وهي أن يكون صحيح التمييز، قوي الفطنة، يتوصل بذكائه إلى إيضاح ما أشكل وفصل ما أعضل، وأن يتصف بالأناة والتثبت والحلم والمهابة والوقار، وأن تكون له معرفة بأحوال المستفتين وبالواقع الذي يعيشون فيه، إما بنفسه أو بمن يستعين به من أهل الخبرة، وأن تكون لديه خبرة في تنزيل الأحكام على الوقائع وذلك بالتتلمذ على من صقلتهم التجربة، والاطلاع على فتاواهم، والتأمل في مآخذها، وكيفية تنزيل الأحكام على الوقائع. لذلك يجب تأصيل المهام المتعلقة بالإفتاء وإصدار الفتاوى في معالجة المشكلات التي تتعرض لها الفتوى في هذا العصر الذي كثر فيه المتصدون للإفتاء عبر المحطات الفضائية والإنترنت والصحف، وبينهم من هم ليسوا من أهل الاختصاص، وقد يسيء بعضهم إلى الفتوى وإلى الشريعة بسبب الجهل بأصول الفتوى وصحة الإفتاء، وبيان الأحكام الشرعية فيما يواجه المسلمين في أنحاء العالم من مشكلات ونوازل وقضايا مستجدة من مصادر التشريع الإسلامي، وإبراز تفوق الفقه الإسلامي على القوانين الوضعية وإثبات شمول الشريعة واستجابتها لحل كل القضايا التي تواجه الأمة الإسلامية في كل زمان ومكان، والتصدي لما يثار من شبهات وما يرد من إشكالات على أحكام الشريعة الإسلامية. ومما سبق ذكره يتضح أهمية تنظيم الفتوى وقصرها على المختصين فقط؛ لأن الإفتاء مسؤولية عظيمة، وأمانة ثقيلة، كما أنه منصب جليل، ووظيفة شريفة، وأثره في إصلاح الأفراد والمجتمعات ظاهر، والحاجة إليه من أمسِّ الحاجات، بل تبلغ مبلغ الضرورات؛ فليس كل الناس يحسن النظر في الأدلة ويعلم حكم الله فيما يعرض له من مسائل ومشكلات. وأهل الذكر الذين يجب الرجوع إليهم في الفتاوى هم العلماء الراسخون، الذين شهدت لهم الأمة بالعلم والإمامة في الدين.