انتهى الخطاب التعبوي العربي من التأثير على الناس منذ أواسط السبعينيات الميلادية، ولكنه يعاد إنتاجه اليوم بواسطة إيران مصحوبا بتجارب الصواريخ العابرة للقارات، ويغني لهذا التظاهر عدد من أتباع إيران من العرب المحبطين متوهمين الخلاص من التخلف، على يد التخلف. المشكلة أن مستمعي هذا الخطاب التعبوي المتخلف هم جيل الألفية الثانية، وما قبلها ببضع سنوات، بمعنى أنهم لم يعيشوا، أو يشهدوا ما جر إليه ذلك الخطاب من آلام ومصائب في أواخر الستينيات، حين احتلت إسرائيل ضعف حجمها من أرض العرب، ولا زال بعض العرب يعانون من تبعات ذلك الخطاب، الذي ينتج اليوم بواسطة إيران، وإعلامها التعبوي المساند باسم الرفض، والمقاومة وشعارات (الموت لأمريكا وإسرائيل)، هو خطاب عاطفي في المقام الأول، يظلل فيه، أو يستهوى له المحبطون العرب، والذين يبسط لهم أمر شن حرب على أعداء افتراضيين، بدءا بالعرب لعبور على إسرائيل، والمضحك في الخطاب الإيراني اليوم ترويج نصوص المغيبات، مثل التأكيد بظهور المهدي الذي سيحقق أحلام الناس بالنصر، ولذلك فجيل اليوم، وعبر إعلام عربي مأجور يجد في هذا الخطاب المعاد إنتاجه لصالح التطرف الشيء المختلف عن الواقع، والسائد، والمنطقي فيما يتلقاه في عالم الاتصال المنفرج، فهو يشبه حكايات الخيال العلمي الافتراضية. الفارق بين الأمس واليوم، أن الفرد اليوم معرض لكم كبير من المعلومات عبر الاتصال لا تجعل فكره رهينا بوسيلة واحدة أو اثنتين كما كان الأمر في الخمسينيات والستينيات، حينما كانت خيارات المعلومة محدودة، ووسائلها أقل من أن تتيح المقارنة فيمكن في التفريق بين الأبيض والأسود، وما ينفع الناس، وما يضرهم، وغالبا ما يفوز الخطاب التعبوي، والتحريضي على الخطاب الواقعي بالتلبيس العاطفي، الوطني، أو الديني، لقليل من الوقت كما خدعنا بالخطاب العربي التعبوي القديم، وفي السابق كان خيارا واحدا يسوق إليه الخوف من السلطة في البلاد العربية أيام دولة الانقلابات العسكرية في كل الدول العربية، وكان من الصعب طرح واقع السياسة العالمية، أو واقع المصلحة الاقتصادية، والسياسية، فالمنتج هو استهواء عاطفي قبل أن يكون تفكيرا في المصالح على أرض الواقع، وكان الآخر الواقعي مرفوضا بصفته يدعم الاستعمار، أو مستعمرا يريد سرقة خيراتنا رغم أنها لا توجد خيرات لتسرق، وكان أي تعاون في التنمية يستفاد فيه من خبرة العالم المتقدم بمثابة ذنب لا يغتفر، وهو يوصف بأنه محالفة لأعداء العرب. سؤالي .. هل إنتاج خطاب العرب القديم من قبل إيران هو علامة إفلاس سياسي لمشروع الثورة الإسلامية، ولماذا يستهدف العرب الأكثر نضجا بعد نصف قرن من تخطي أكثرهم لهذا الخطاب الذي وعد العرب بهزيمة أمريكا، وإسرائيل، والغرب، كانت تلك التعبوية العربية القديمة أفضل على الأقل لأنها خلف أناس أحياء حقيقيين بيننا، ولم تكن خلف مهدي منتظر، وسيبقى الجواب في كلمة الواقع المعاش، وليس في تصورات الخيال. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة