هل يعيد التاريخ نفسه مع بداية عهد أوباما....ويعود الإرهاب الدولي كما يُعرفونه لوحدهم ....إن الأجواء تذكرنا بأحداث 11 سبتمبر فحينما سمعت بالإعداد لمؤتمر مكافحة العنصرية العالمي الثاني وكان الأول قد عقد قبل أحداث سبتمبر ويتم الإعداد له في هذه الأيام, وهناك جدل كبير حوله من مناصري إسرائيل فهو سيعزل إسرائيل وسيعريها أما العالم كونها بلد عنصري , وهي تعاني أصلا من كارثة غزة وتأثيرها على سمعتها الدولية وعلى قادتها..... وإسرائيل محاصرة بالسلام الذي لا تريده.... وهناك محاولة أمريكية جادة لوضع أفغانستان في الواجهة الدولية وهذا يعني إعادة تعبئة الرأي العام الأمريكي والدولي بالإضافة إلى أن هناك مصالح مشتركة لدول في التخفيف من التركيز الإعلامي على الأزمة المالية العالمية وترك الشعوب تعيش دوامة أخرى تستمر لعشر سنوات قادمة كما فعل بنا بوش وفريقه من المحافظين الجدد وحربهم على الإرهاب...... فأين ستكون الوجهة وأين سيكون المسرح والممثلين والمخرجين ... نسأل الله أن يحفظنا ويديم لنا نعمة الأمن ويهدي كل من يحاول أن يكون أداة للنيل من بلد الحرمين بلد التوحيد والشريعة بلد أبائنا وأجدادنا, ولأبنائنا من بعدنا وسيظل الفكر الضال وأزمة الإرهاب بحاجة إلى يقظة من المجتمع قبل الجهات المختصة لأنه فكر يحتاج إلى فكر بل وتذكير دائم قبل أن يتشكل في عقول شباب لا يرى من الدين إلا العاطفة والتي تجعله مشحونا بواقع يرغب في تغييره بأسرع وقت وبأقصر الطرق يغذيه في ذلك أسباب كثيرة ,ومن أهمها هو ما يقوم به بعض الدعاة من خلال الخطاب الديني الذي يشحن الشباب بطموحات كبيرة وضخمة للأمة وشحن عاطفي وأمال ليست في الواقع والمبالغة في أسلوب ومحتوى الخطاب ونبرته ومنح ألقاب وأسماء تهز مشاعر الكهول فما بالك بهؤلاء الشباب.. ففي أفغانستان كانت المعركة سياسية ومصالح دول والرايات متعددة وغير واضحة وصراع روسي أمريكي أو كما يقال الحرب الباردة وفرصة تاريخية لأمريكا بالانتقام من تدخل السوفييت في حرب فيتنام ومع ذلك زج بالشباب تحت شعارات وطموحات انهارت بمجرد انتهاء المعركة واتفاقهم أو كما يقال عقد صفقة متكاملة انتهت بمغادرة السوفييت ..... ونحن لا نقلل من التضحيات, ولكن النتائج التي حدثت بعد انتهاء الحرب وتركت هؤلاء الشباب في صدمة من الواقع حيث بدأ الصراع على السلطة وظهر ما كانت تستره المعارك ومصالح دول الجوار وانتماء القادة لكل دولة .... وظهرت حقيقة بعض زعماء الجهاد والأحلام التي مات من اجلها الشباب فكانت وبحق تجربة واضحة لأثر هذا الخطاب.....وجاءت أفغانستان طالبان وتكرر الخطاب والتمجيد لأمارة الإسلام وأمير المؤمنين مع احترامي لكل مسلم ولكن نقلت صورة من التمجيد والخطاب التعبوي والمبالغ فيه لهذه الدولة قبل سقوطها وتم من خلال هذا الخطاب بدفع شباب من هذا الوطن إلى معركة تم بيعهم في النهاية بأبخس الأثمان في كابل وقندهار وحدود باكستان . وتكررت في العراق ولم نستفد من الدروس فكان الخطاب لبعض الدعاة والموجه للشباب نظري عاطفي ولم تكن الأهداف واضحة والرايات داخل العراق مخيفة خاصة أننا أمام مسرح دولي للتجنيد وتحقيق الغايات بكل الوسائل والدول درست طبيعة المجاهدين العرب في أفغانستان ومدى طيبة بعض المقاتلين وصغر سنهم فعرفت كيف تهيئ لهم العملاء والقادة والمنظرين بل حتى المفتين وللأسف كان هناك خطاب داخلي مصدوم من الحدث ولم يدرك ما يحدث داخل العراق والجماعات التي يدفع الشباب إليها وكما حدث في بداية الجهاد الأفغاني فتحولت بغداد البعثية إلى قندهار المسلوبة وبدأت الأناشيد والخطابات المثيرة لعواطف نعتز بها فنقلوا الشباب إلى عالم افتراضي وأوصلوهم إلى مرحلة لا يمكن أن يرضى عن هذا العالم بديلا وبعد أن تنتهي الخطبة يذهب الداعية إلى زوجاته وحياته الخاصة ولا يدري ماذا فعل بهؤلاء الشباب والذي ليس لديه إلا أن يبحث عن طريق للذهاب إلى العراق أو تفريغ هذه الشحنات بأي وسيلة ومن يمنعه سواء أسرته أو مجتمعه أو الدولة فهم مع أعدائه ويوالونهم وليس لديهم براء منهم فكلهم على ملة واحدة... وتبدأ المقارنات وأي معصية أو أخطاء يراها أمامه تتحول إلى الفكر المغذى بالكراهية والمشحون ضد مجتمعه. وبعض هؤلاء الخطباء والدعاة يكون للأسف باحثا عن شهره وما أكثرهم هذه الأيام فمع أي حدث يلفت انتباه الناس وتتوجه إليه الكاميرات تجدهم يتجاوبون بسرعة ويتواجدون في كل قناة فضائية وخطبة منبرية يحللون الأحداث وكأنهم خبراء في السياسة والعسكرية بل وحتى في التباكي والنحيب و الأمراض والرياضة والشعر وتلفاز الواقع ..... فما أن بدأت أحداث العراق حتى نسوا أفغانستان ....وتناسوا العراق بعد أن تناساه الإعلام, والحال نفسها مع غزة . و البعض الآخر من الدعاة يكون متعمدا في شحن الشباب ليصفي حساباته مع الأنظمة أو الدعاة المنافسين له أو من باب الاختلاف المذهبي أو العقائدي كما تباكى الآيات والأسياد في قم والنجف على فلسطيني غزة وهم من حرض على قتل وتشريد الفلسطينيين في بغداد والعالقين حتى الآن على حدود الأردن في المخيمات نسأل الله لهم الفرج .......... إن ما يهمنا في هذه المرحلة أن يقوم علمائنا الكبار باستعادة الخطاب الداخلي من هؤلاء الدعاة الذين يخاطبون الشباب وكأننا في عصر النبوة بل أفضل ما في عصر النبوة متناسين هؤلاء أن عصر النبوة وبوجود نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كانت الميزة التي تفوقت بها على الرسالات الأخرى أنها رسالة مجسدة وواقع يعيشه الناس يوما بيوم والوحي يستمر في امتزاجه مع هذه الرسالة على مدى ثلاثة وعشرين عاما لم يقدم الرسول لصحابته عالم افتراضي بل لم يبكي في خطبه وطلب من بعض أصحابه الهجرة إلى الحبشة , وآل ياسر طلب منهم الصبر وكانت حياته صلى الله عليه وسلم ورسالته تسير وفق صراع الحق والباطل وبواقعية فهناك متجبرين ومستضعفين وعبيد وأحرار وأغنياء وفقراء ومسلمين وكافرين..... بل حتى في مجتمع المدينة وهذه من الحكم الإلهية أن يكون هناك مسلمين ومنافقين ويهود ومع ذلك علمنا حبيبنا كيف نتعايش معهم والوثيقة التي صاغها مع اليهود تبين عظم هذا الدين وحفظه لحقوق الناس باختلاف دياناتهم فأموالهم وتجارتهم لم يسلبها منهم أحد وبقي اليهود أثرياء المدينة إلى أن خانوا الوثيقة وحتى أثناء عقابهم بعد غدرهم لم يتم إحراقهم أو قتل الأطفال والنساء..... كل ذلك ليكون الدين العالمي جاهزا لإنارة الدنيا فالمدينة ليست إلا مدينة من مدن هذا العالم يوجد بها الخير والشر واستمر صراع الخير والشر فيها, فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم أقام حد الزنا في مدينة هو يحكمها فهي تمثل طبائع وسلوك البشر وليست عالم افتراضي أو أن أهلها معصومين إن من يتابع سيرة تلاميذ محمد صحابته رضوان الله عليهم يرى عظمة ذلك الزمان من خلال الرؤيا لواقع الدين وارتباطه بالحياة وليس بالعالم الافتراضي كما يستعمله علماء العاطفة ولا بالكهنوت كما يستخدمه علماء المحبة والحضرة والأولياء والقبوريين ولا بالفلسفة لعلماء لا يريدون الإسلام الواضح البسيط القادر على أن يكون منهج حياة وإنما يريدونه فكر فلسفي أغريقي يتماشى مع أهوائهم ويتحول إلى غذاء روحي بلا عمل ولا روح حقيقية بل كما تفعل الموسيقى في أرواحهم........ فمن مثل أبو بكر وعمر الفاروق وعثمان وعلي وباقي الصحابة رضوان الله عليهم ... إن عمر بن الخطاب لم يحفظ القرآن كاملا ومع ذلك كم من حافظ في هذه الأمة لو أنفق مثل جبل أحد ما بلغ هؤلاء العظام ، عمر الذي طرد شبابا في المسجد كانوا يتعبدون ويتباكون خشوعا لمجرد أنهم تركوا الدنيا ويريدون أن يصبحوا عالة على المجتمع ليتصدق عليهم في المسجد وهم بكامل قوتهم وقادرين على العمل... إن الأمة وخاصة من يمارسون العنف بحاجة إلى خطاب واقعي يضع النقاط على الحروف ويعلم الناس أن ديننا عظيم برسالته وسهل وبسيط في منهجه لعموميته للناس كافة وان الصبر على الحق خير من الاستعجال لجلبه فإن النصر يأتي بالثبات على الحق والصبر على محنة وفتنة الباطل أم النصر فهو نتيجة لذلك والنتائج ليست بأيدينا فهي بيد الله ، بل إن الأفضل منا وهم الرسل عليهم السلام ينتظرون النصر من الله ... فمن نحن حتى نستعجله ,إن الخطاب الذي يراعي ظروف الأمة وواقعها وقدراتها وما تواجهه من مخاطر وإيجاد الأمل في نفوس الشباب سواء من القادة أو العلماء هو ما نحتاجه الآن ويحتاجه الشباب قبل فوات الأوان...... والدعاء بأن تبقى راية التوحيد في هذا الوطن كما هي نقية بدعوتها وبرجالها موحدة لأبنائها. سلطان بن فيصل السيحاني